به من كل شك وشبهة، ومن الأسقام والآلام، قال الشهاب: رد عليهم بأنه هاد لهم، شاف لما في صدورهم، كاف في دفع الشبهة فلذا ورد بلسانهم معجزاً بيناً في نفسه مبيناً لغيره.
(والذين لا يؤمنون في آذانهم وقر) أي صمم عن سماعه، وفهم معانيه ولهذا تواصوا باللغو فيه والموصول مبتدأ خبره في آذانهم وقر، والموصول الثاني عطف على الأول، ووقر عطف على هدى، عند من جوز العطف على معمولي عاملين مختلفين والتقدير هو للأولين هدى وشفاء وللآخرين وقر في آذانهم.
(وهو عليهم عمى) وذلك لتصامهم عن سماعه، وتعاميهم عما يريهم من الآيات، قال قتادة: عموا عن القرآن وصموا عنه. وقال السدي عميت قلوبهم عنه والمعنى وهم عليه ذو عمى، ووصف بالمصدر للمبالغة، وقيل: المعنى والوقر عليهم عمى، أي ظلمة وشبهة، قرأ الجمهور عمى بفتح الميم منونة على أنه مصدر.
وقرأ ابن عباس وعبد الله بن الزبير وعمرو بن العاص وابن عمر بكسر الميم منونة على أنه إسم منقوص على أنه وصف به مجازاً. وقرىء بكسر الميم وفتح الياء على أنه فعل ماض، واختار أبو عبيدة القراءة الأولى.
(أولئك) أي الذين لا يؤمنون (ينادون من مكان بعيد) مثل حالهم باعتبار عدم فهمهم للقرآن بحال من ينادي من مسافة بعيدة لا يسمع من يناديه منها، قال الفراء: تقول للرجل الذي لا يفهم كلامك أنت تنادي من مكان بعيد، ففيه استعارة تمثيلية، وقال الضحاك ينادون يوم القيامة بأقبح أسمائهم من مكان بعيد وقال مجاهد من مكان بعيد من قلوبهم.