يتيسر مثلها لأحد من خلفاء الأرض قبلهم، أو من الظهور على الجبابرة والأكاسرة وتغليب قليلهم على كثيرهم، وتسليط ضعفائهم على أقويائهم، وإجرائه على أيديهم أموراً خارجة عن المعهود، خارقة للعادات، وفي أنفسهم فتح مكة ورجح هذا ابن جرير، واختاره المنهال بن عمرو والسدي.
وقال قتادة والضحاك في الآفاق يعني أقطار السموات والأرض من الشمس والقمر والنجوم والليل والنهار والرياح والأمطار والرعد والبرق والصواعق والنبات والأشجار والجبال والبحار وغير ذلك وفي أنفسهم من لطيف الصنعة وبديع الحكمة، حتى في سبيل الغائط والبول فإن الرجل يأكل ويشرب من مكان واحد، ويتميز ذلك خارجاً من مكانين، وحتى في عينيه اللتين ينظر بهما من الأرض إلى السماء مسيرة خمسمائة عام، وفي أذنيه اللتين يفرق بهما بين الأصوات المختلفة وغير ذلك من بديع حكمة الله تعالى فيه.
فإن قيل: قوله سنريهم الخ يقتضي أنه إلى الآن ما أطلعهم على تلك الآيات وسيطلعهم عليها بعد ذلك، مع أن الآيات المذكورة قد اطلعوا عليها وهي منهم نصب العين، والجواب أن المراد على هذا سنريهم أسرار آياتنا الخ فالآيات وإن اطلعوا عليها بالفعل لكن سرها وحكمها لم يطلعوا عليه قاله الكرخي.
وعن ابن جريج في الآية قال أمسك المطر عن الأرض كلها. وفي أنفسهم قال البلايا التي تكون في أجسامهم وقال ابن عباس كانوا يسافرون فيرون آثار عاد وثمود فيقولون والله لقد صدق محمد صلى الله عليه وسلم، وما أراهم في أنفسهم قال الأمراض وقيل في كونهم نطفاً إلى غير ذلك من انتقال أحوالهم، كما تقدم في سورة المؤمنين بيانه.
(حتى يتبين لهم أنه الحق) الضمير راجع إلى القرآن وقيل إلى الإسلام الذي جاءهم به رسول الله صلى الله عليه وسلم وقيل إلى ما يريهم الله