وإمكانها أيضاًً، وفيه إشارة أيضاًً إلى أن خلق السموات والأرض من إضافة الصفة للموصوف، أي السموات المخلوقة والأرض المخلوقة.
(وما بث فيهما من دابة) يجوز عطفه على خلق بتقدير مضاف، ويجوز عطفه على السموات، وقدمه القاضي على الأول والدابة اسم لكل ما دبّ، قال الفراء أراد ما بث في الأرض دون السماء كقوله (يخرج منهما اللؤلؤ والمرجان) وإنما يخرج من الملح دون العذب وقال أبو علي الفارسي: تقديره وما بث في أحدهما فحذف المضاف، قال مجاهد: يدخل في هذا الملائكة والناس، وقد قال تعالى (ويخلق ما لا تعلمون) قال الكرخي وما جَوّزه الزمخشري من أن يكون للملائكة مشي مع الطيران فيوصفون بالدبيب كما وصف به الأناسي أو يخلق الله تعالى في السموات حيوانات يمشون فيها مشي الأناسي على الأرض بعيد من الأفهام لكونه على خلاف العرف العام ولأن الشيء إنما يكون آية إذا كان معلوماً ظاهراً مكشوفاً ومن ثم أهمل القاضي ذكره.
(وهو على جمعهم) أي حشرهم يوم القيامة، في الضمير تغليب العاقل على غيره، لأنه راجع إلى الدابة، ولولاه لكان يقال: على جمعها (إذا) أي في وقت (يشاء قدير) والظرف متعلق بجمعهم لا بقدير، فإن المقيد بالمشيئة جمعه تعالى لا قدرته؛ قال أبو البقاء. لأن ذلك يؤدي إلى أن يصير المعنى: وهو على جمعهم قدير إذا يشاء فتتعلق القدرة بالمشيئة وهو محال، قال شهاب الدين والسمين ولا أدري ما وجه كونه محالاً على مذهب أهل السنة فإن كان يقول بقول المعتزلة وهو أن القدرة تتعلق بما لم يشأ الله تمشي كلامه ولكنه مذهب رديء لا يجوز اعتقاده.