حتى أريكم من هو أقدم عصراً وأجل قدراً، فإن أبيتم ذلك ففي الصحابة رضي الله عنهم من هو أعظم قدراً من صاحبكم علماً وفضلاً وجلالة قدر، فإن أبيتم ذلك فها أنا أدلكم على من هو أعظم قدراً وأجل خطراً، وأكثر أتباعاً، وأقدم عصراً، وهو محمد بن عبد الله نبينا ونبيكم صلى الله عليه وسلم، ورسول الله إلينا وإليكم، فتعالوا فهذه سنته موجودة في دفاتر الإسلام ودواوينه التي تلقتها جميع هذه الأمة قرناً بعد قرن، وعصراً بعد عصر، وهذا كتاب ربنا خالق الكل، ورازق الكل، وموجد الكل، بين أظهرنا، موجود في كل بيت، وبيد كل مسلم، لم يلحقه تغيير ولا تبديل، ولا زيادة ولا نقص، ولا تحريف ولا تصحيف، ونحن وأنتم ممن يفهم ألفاظه، ويتعقل معانيه، فتعالوا لنأخذ الحق من معدنه، ونشرب صفو الماء من منبعه، فهو مما وجدتم عليه آباءكم.
قالوا: لا سمع ولا طاعة، إما بلسان القال أو بلسان الحال، فتدبر هذا وتأمله إن بقي فيك بقية من إنصاف وشعبة من خير، ومزعة من حياء، وحصة من دين، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، وقد أوضحت هذا غاية الإيضاح في كتابي الذي سميته أدب الطلب ومنتهى الأرب انتهى. وقد أوضحه الحافظ ابن القيم في إعلام الموقعين عن رب العالمين فأرجع إليهما إن رمت أن تنجلي عنك ظلمات التعصب، وتنقشع لك سحائب التقليد.