وإذا ثبت هذا فنقول: فقد ظهر أن القول بوجوب التقليد يوجب المنع من التقليد، وما أفضى ثبوته إلى نقله كان باطلاً، فوجب أن يكون القول بالتقليد باطلاً، فهذا طريق دقيق في إبطال التقليد، وهو المراد من هذه الآية، الوجه الثاني في بيان أن ترك التقليد والرجوع إلى متابعة الدليل أولى في الدنيا والدين، أنه تعالى بين أن إبراهيم عليه السلام لما عدل عن طريقة أبيه إلى متابعة الدليل، لا جرم جعل الله دينه ومذهبه باقياً في عقبه إلى يوم القيامة، وأما أديان آبائه فقد اندرست وبطلت، فثبت أن الرجوع إلى متابعة الدليل يبقى محمود الأثر إلى قيام الساعة، وأن التقليد والإصرار ينقطع أثره ولا يبقى منه في الدنيا خبر، ولا أثر، فثبت من هذين الوجهين أن متابعة الدليل، وترك التقليد أولى، فهذا بيان المقصود الأصلي من هذه الآية انتهى.
ثم ذكر سبحانه نعمته على قريش، ومن وافقهم من الكفار المعاصرين لهم فقال: