وملت عنه كذا قال الفراء والزجاج وأبو الهيثم والأزهري، وقال الخليل: العشو النظر الضعيف، وقال أبو عبيدة والأخفش. إن معنى (ومن يعش) ومن تظلم عينه وهو نحو قول الخليل، وهذا على قراءة الجمهور من يعش بضم الشين من عشا يعشو، وقرىء بفتح الشين يقال: عشى الرجل يعشى عشا إذا عمى، وقال الجوهري: العشا مقصور مصدر الأعشى وهو الذي لا يبصر بالليل ويبصر بالنهار، والمرأة عشوى، وقرىء يعشو بالواو على أن من موصولة غير متضمنة معنى الشرط.
والمعنى ومن يعرض ويتعامى ويتجاهل ويتغافل (عن ذكر الرحمن) ولم يخف عقابه ولم يرد ثوابه، وقيل: يول ظهره عن القرآن (نقيض له شيطاناً) قرأ الجمهور بالنون، وقرى بالتحتية مبنياً للفاعل، وقرأ ابن عباس بالتحتية مبنياً للمفعول، ورفع شيطان على النيابة والمعنى نسبي له جزاء على كفره شيطاناً.
(فهو له قرين) أي ملازم له في الدنيا، يمنعه من الحلال ويبعثه على الحرام وينهاه عن الطاعة ويأمره بالمعصية ولا يفارقه. وقيل في الآخرة إذا قام من قبره قاله سعيد الجريري وقيل: فيهما قال القشيري: وهو الصحيح أو هو ملازم للشيطان لا يفارقه بل يتبعه في جميع أموره ويطيعه في كل ما يوسوس به إليه وقال الزجاج معنى الآية أن من أعرض عن القرآن وما فيه من الحكم إلى أباطيل المضلين يعاقبه الله بشيطان يقيضه له حتى يضله ويلازمه قريناً فلا يهتدي مجازاة له حين آثر الباطل على الحق البيِّن.
أخرج ابن أبي حاتم عن محمد بن عثمان المخزومي " أن قريشاً قالت قيضوا لكل رجل من أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم رجلاً يأخذه فقيضوا لأبي بكر طلحة ابن عبيد الله فأتاه وهو في القوم فقال أبو