وعلى هذا فقد أقسم بالقرآن أنه أنزل القرآن، وهذا النوع من الكلام يدل على غاية تعظيم القرآن، فقد يقول الرجل إذا أراد تعظيم الرجل له إليه حاجة: أتشفع بك إليك، وأقسم بحقك عليك.
وجاء في الحديث:" أعوذ برضاك من سخطك وبعفوك من عقوبتك، وبك منك، لا أحصي ثناء عليك ". وقيل: المراد بالكتاب سائر الكتب المنزلة، والضمير راجع إلى القرآن على معنى أنه سبحانه أقسم بسائر الكتب المنزلة أنه أنزل القرآن والأول أولى، واستدلوا بهذه الآية على حدوث القرآن بوجوه لا دلالة لها عليه.
(في ليلة مباركة) أي ليلة القدر، كما في قوله (إنا أنزلناه في ليلة القدر) ولها أربعة أسماء هي، وليلة البراءة، وليلة الصك، وليلة الرحمة. قال عكرمة وطائفة الليلة المباركة هنا ليلة النصف من شعبان، وقال النووي في باب صوم التطوع من شرح مسلم إنه خطأ، والصواب وبه قال العلماء إنها ليلة القدر، وقيل بينها وبين ليلة القدر أربعون ليلة.
والجمهور وأكثر المفسرين على الأول وليلة القدر في أكثر الأقاويل في شهر رمضان، وقال قتادة أنزل القرآن كله في ليلة القدر من أم الكتاب، وهو اللوح المحفوظ إلى بيت العزة في سماء الدنيا ثم أنزل الله سبحانه على نبيه صلى الله عليه وسلم في الليالي والأيام في ثلاث وعشرين سنة في أنواع الوقائع حالاً فحالاً، وقد تقدم تحقيق الكلام في هذا في سورة البقرة، عند قوله:
(شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن) وذكر سليمان الجمل أدلة القولين، وبسط فيها لا نطول بذكرها هنا.
وقال مقاتل كان ينزل من اللوح المحفوظ كل ليلة قدر من الوحي على مقدار ما ينزل به جبريل في السنة إلى مثلها من العام، وقيل ابتداء نزوله في ليلة القدر، ووصف الله سبحانه هذه الليلة بأنها مباركة لنزول القرآن فيها