ولم يبعث منهم أحد (وهما يستغيثان الله) له، ويطلبان منه التوفيق إلى الإيمان واستغاث يتعدى بنفسه تارة وبالباء أخرى، يقال استغاث الله واستغاث به.
وقال الرازي معناه يستغيثان بالله من كفره فلما حذف الجار وصل الفعل وقيل الاستغاثة الدعاء فلا حاجة إلى الباء، وزعم ابن مالك أنه يتعدى بنفسه فقط، وعاب قول النحاة مستغاث به، قلت لكنه لم يرد في القرآن إلا متعدياً بنفسه (إذ تستغيثون ربكم)(فاستغاثه الذي من شيعته)(وإن يستغيثوا يغاثوا) قال الفراء يقال أجاب الله دعاءه وغواثه.
(ويلك) أي: يقولان له ويلك. وليس المراد به الدعاء عليه بل الحث له على الإيمان ولهذا قالا له (آمن) بالبعث واعترف وصدق (إن وعد الله حق) قرأ الجمهور بكسر إن على الاستئناف أو التعليل، وقرىء بفتحهما أي آمن بأن وعد الله حق لا خلف فيه، وهو من جملة مقولهما.
(فيقول) عند ذلك مكذباً لما قالاه (ما هذا) الذي تقولانه من البعث (إلا أساطير الأولين) أي: أحاديثهم وأباطيلهم التي يسطرونها في الكتب من غير أن تكون في حقيقة.
(أولئك) القائلون هذه المقالات هم (الذين حق عليهم القول) أي وجب عليهم العذاب بقوله سبحانه لإبليس (لأملأن جهنم منك وممن تبعك منهم أجمعين) كما يفيده قوله:
(في أمم قد خلت من قبلهم من الجن والإنس) وجملة (إنهم كانوا خاسرين) تعليل لما قبلها، وهذا يدفع كون سبب النزول عبد الرحمن ابن أبي بكر، وأنه الذي قال لوالديه ما قال. فإنه من أفاضل المؤمنين، وليس ممن حقت عليه كلمة العذاب.