قلوبهم ثم دل الله تعالى النبي صلى الله عليه وسلم بعد المنافقين فكان يدعو باسم الرجل من أهل النفاق.
(ولو نشاء لأريناكم) أي لأعلمناكهم وعرفناكهم بأعيانهم معرفة تقوم مقام الرؤية تقول العرب: سأريك ما أصنع أي سأعلمك والالتفات إلى نون العظمة لإبراز العناية بالإراءة (فلعرفتهم بسيماهم) أي بعلامتهم الخاصة بهم التي يتميزون بها قال الزجاج: المعنى لو نشاء لجعلنا على المنافقين علامة وهي السيما فلعرفتهم بتلك العلامة قال أنس: ما خفي على رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد هذه الآية أحد من المنافقين وكان يعرفهم بسيماهم، وتكرير اللام للمبالغة أو للتأكيد.
(ولتعرفنهم في لحن القول) قال المفسرون: لحن القول فحواه ومقصده ومغزاه، وما يعرضون به من تهجين أمرك، وأمر المسلمين، وكان بعد هذا لا يتكلم منافق عنده إلا عرفه، قال أبو زيد: لحنت له اللحن إذا قلت له قولاً بفقهه عنك، ويخفى على غيره، وأصل اللحن إمالة الكلام وصرفه إلى نحو من الأنحاء لغرض من الأغراض بإزالة الإعراب أو التصحيف والأول محمود، والثاني مذموم، قال أبو سعيد الخدري في الآية: لحن القول ببغضهم علي بن أبي طالب.
(والله يعلم أعمالكم) لا تخفى عليه منها خافية فيجازيكم بها، وفيه وعيد شديد ووعد للمؤمنين وإيذان بأن حالهم بخلاف حال المنافقين (ولنبلونكم حتى نعلم المجاهدين منكم والصابرين) أي: لنعاملنكم معاملة المختبر، وذلك بأن نأمركم بالجهاد حتى نعلم علم ظهور من امتثل الأمر بالجهاد، وصبر على دينه ومشاق ما كلف به (ونبلو أخباركم) أي نظهرها ونكشفها إمتحاناً لكم، ليظهر للناس من أطاع الله فيما أمره، ومن عصى ولم يمتثل، وقرىء بالياء والنون في الأفعال الثلاثة، وعن الفضيل رحمه الله أنه كان إذا قرأها بكى وقال: اللهم لا تبتلنا فإنك إن بلوتنا فضحتنا وهتكت أستارنا وعذبتنا.