عباس وقيل عبد الله بن مسعود، وقيل: أبو الدرداء والأول أولى، أي سألوا أهل العلم فقالوا لهم على طريقة الاستهزاء:(ماذا) أي أَيُّ شيء (قال) أي النبي صلى الله عليه وسلم، (آنفاً)؟ بالمد والقصر أي الساعة، وبها فسره الزمخشري وقال: إنه ظرف حالي كالآن، وقال ابن عطية والمفسرون: معناه الساعة الماضية القريبة منا، وهذا تفسير بالمعنى، والمعنى أنا لم نلتفت إلى قوله ولم نرجع إليه، ومنه أمر أنف أي مستأنف، وروضة أنف، أي لم يرعها أحد، وانتصابه على الظرفية أي وقتاً مؤتنفاً أو حال من الضمير في قال، قال الزجاج: هو من استأنفت الشيء إذا ابتدأته.
وأصله مأخوذ من أنف الشيء لما تقدم منه مستعار من الجارحة قال ابن عباس: كنت فيمن يسأل، وعنه قال: أنا منهم، وفي هذا منقبة لابن عباس جليلة لأنه كان إذ ذاك صبياً فإن النبي صلى الله عليه وسلم، مات وهو في سن البلوغ، فسؤال الناس له عن معاني القرآن في حياة النبي صلى الله عليه وسلم (١)، ووصف الله سبحانه للمسؤولين بأنهم الذين أوتوا العلم وهو منهم من أعظم الأدلة على سعة علمه، ومزيد فقهه في كتاب الله وسنة رسوله، مع كون أترابه وأهل سنه إذ ذاك يلعبون مع الصبيان.
وعن عكرمة قال:" كانوا يدخلون على رسول الله صلى الله عليه وسلم فإذا خرجوا من عنده قالوا لابن عباس: ماذا قال آنفاً فيقول كذا وكذا وكان ابن عباس أصغر القوم فأنزل الله الآية ". فكان ابن عباس من الذين أوتوا العلم، وعن ابن بريده قال: هو ابن مسعود، وعن ابن عباس قال: هو ابن مسعود والإشارة بقوله: (أولئك) إلى المذكورين من المنافقين، وهو مبتدأ وخبره (الذين طبع الله على قلوبهم) أي بالكفر فلم يؤمنوا، ولا توجهت قلوبهم إلى شيء من الخير.