(الله مولى الذين آمنوا) أي ناصرهم ووليهم (وأن الكافرين لا مولى لهم) أي لا ناصر يدفع عنهم كما يؤخذ من مقابله، وهذا لا يخالف قوله (ثم ردوا إلى الله مولاهم الحق)، فإن المولى فيه بمعنى المالك لا بمعنى الناصر، قال قتادة: نزلت يوم أحد، وقرأ ابن مسعود (وَلِيُّ الَّذِينَ).
(إن الله يدخل الذين آمنوا وعملوا الصالحات جنات تجري من تحتها الأنهار) قد تقدم تفسير الآية في غير موضع، وتقدم كيفية جري الأنهار من تحت الجنات، والجملة مسوقة لبيان ولاية الله للمؤمنين وثمرتها الأخروية (والذين كفروا يتمتعون) بمتاع الدنيا أياماً قلائل، وينتفعون به غير متفكرين في العاقبة.
(ويأكلون كما تأكل الأنعام) في معالفها ومسارحها غافلة عما هي بصدده من النحر والذبح، والمعنى كأنهم أنعام ليس لهم همة إلا بطونهم وفروجهم، ساهون عن العاقبة لا هون بما هم فيه، لا يلتفتون إلى الآخرة (والنار مثوى لهم) أي مقام يقيمون به، ومنزل ينزلونه ويستقرون فيه، ومصير يصيرون إليه، والجملة في محل نصب على الحال أو مستأنفة.
ثم خوف الله سبحانه الكفار بأنه قد أهلك من هو أشد منهم فقال:
(وكأين من قرية) قد قدمنا أن كأين مركبة من الكاف وأي، وأنها بمعنى كم الخبرية أي وكم من قرية، والمعنى كم من أهل قرية كذبت رسلها (هي) أي هم (أشد قوة من) أهل (قريتك التي أخرجتك) أي أخرجوك منها (أهلكناهم) فكذلك نفعل بأهل قريتك فاصبر كما صبر رسل أهل هؤلاء القرى قال مقاتل: أي أهلكناهم بالعذاب حين كذبوا رسلهم.
(فلا ناصر لهم) فبالأولى من هو أضعف منهم، وهم قريش الذين