للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وسلم هي بيعة له، كما قال: (من يطع الرسول فقد أطاع الله)، وذلك لأنهم باعوا أنفسهم من الله بالجنة، وجملة: (يد الله فوق أيديهم) مستأنفة لتقرير ما قبلها على طريق التخييل، أو في محل نصب على الحال وفي هذا التركيب إستعارة تصريحية تبعية في الفعل، ومكنية في الإسم الكريم، وتخييلية في إثبات اليد له، وفيه مشاكلة في مقابلة يده بأيديهم، والمعنى أن عقد الميثاق مع رسول الله صلى الله عليه وسلم كعقدة مع الله سبحانه من غير تفاوت بينهما، قاله الزمخشري والكرخي، وقيل: يد الله بالوفاء بما وعدهم من الخير فوق أيديهم، وقال السدي: كانوا يأخذون بيد رسول الله صلى الله عليه وسلم فيبايعونه، ويد الله فوق أيديهم في المبايعة.

قال الرازي: وذلك يحتمل وجوهاً، لأن اليد في الموضعين إما أن تكون بمعنى واحد، وإما أن تكون بمعنيين، فإن قلنا: إنها بمعنى واحد ففيه وجهان.

أحدهما يد الله بمعنى نعمة الله عليهم فوق أجسامهم، كما قال: (بل الله يمن عليكم أن هداكم للإيمان).

وثانيهما نصرته إياهم أقوى وأعلى من نصرتهم إياه، يقال اليد لفلان أي الغلبة والنصرة والقوة، وإن قلنا إنها بمعنيين فنقول: اليد في حق الله تعالى بمعنى الحفظ، وفي حق المبايعين. بمعنى الجارحة، فيكون المعنى يد الله فوق أيديهم بالحفظ انتهى.

قلت: وهذا هو مذهب أهل التأويل والكلام، ومذهب السلف في هذه الآية وأمثالها السكوت عن التأويل، وإمرار آيات الله وأحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم المتعلقة بالصفات كما جاءت مع الإيمان بها. من غير تشبيه، ولا تكييف، ولا تعطيل، ولا تحريف، ولا صرف عن الظاهر، ولا تأويل وهو الحق.

<<  <  ج: ص:  >  >>