ثالثها: أن يكون زاهداً في الدنيا، راغباً في الآخرة مواظباً على الطاعات المؤكدة والأذكار المأثورة في صحاح الأحاديث مواظباً على تعلق القلب بالله سبحانه.
رابعها: أن يكون آمراً بالمعروف، ناهياً عن المنكر، مستبداً برأيه، لا إمعة ليس له رأي، ولا أمرؤ ذا مروءة وعقل تام يعتمد عليه في كل ما يأمر به، وينهي عنه، قال تعالى (ممن ترضون من الشهداء)، فما ظنك بصاحب البيعة؟
خامسها: أن يكون صحب العلماء بالكتاب والسنة، وتأدب بهم دهراً طويلاً، وأخذ منهم العلم للظاهر، والنور الباطن والسكينة، وهذا لأن سنة الله جرت بأن الرجل لا يفلح إلا إذا رأى المفلحين، ولا يشترط في ذلك ظهور الكرامات وخوارق العادات ولا ترك الإكتساب؛ لأن الأول ثمرة المجاهدات، لا شرط الكمال، والثاني مخالف للشرع المطهر ولا تغتر بما فعله المغلوبون في أحوالهم، إنما المأثور القناعة بالقليل، والورع من الشبهات.
وإذا تقرر لك هذا عرفت ما هو صاف عما هو كدر، فاشدد يديك عليه ولا تلتفت إلى غير ما ذكرنا، وبالله التوفيق. ولما ذكر تعالى أهل بيعة الرضوان وأضافهم إلى حضرة الرحمن، ذكر من غاب عن ذلك الجناب، وأبطأ عن حضرة تلك العمرة بقوله: