ابن جرير وغيره بأن غزوة تبوك كانت بعد فتح خيبر وبعد فتح مكة، والأول أولى، وبه قال مجاهد وقتادة. ورجحه ابن جرير وغيره، وعليه عامة أهل التأويل، قرأ الجمهور كلام الله، وقرىء كلم الله، قال الجوهري: الكلام اسم جنس يقع على القليل والكثير، والكلم لا يكون أقل من ثلاث كلمات، لأنه جمع كلمة مثل نبق ونبقة، ثم أمر الله سبحانه رسوله صلى الله عليه وسلم أن يمنعهم من الخروج معه فقال:
(قل لن تتبعونا) هذا النفي هو بمعنى النهي للمبالغة، والمعنى لا تتبعونا (كذلكم قال الله من قبل) أي: من قبل رجوعنا من الحديبية إن غنيمة خيبر لمن شهد الحديبية خاصة، ليس لغيرهم فيها نصيب (فسيقولون) يعني المنافقين عند سماع هذا القول، وهو قوله:(قل لن) الخ (بل) إضراب عن محذوف هو مقول القول كما علمت (تحسدوننا) أي بل ما يمنعكم من خروجنا معكم إلا الحسد لئلا نشارككم في الغنيمة، وليس ذلك حكماً من الله كما تزعمون، ثم رد الله سبحانه عليهم بقوله:
(بل كانوا لا يفقهون إلا قليلاً) أي: لا يعلمون إلا علماً قليلاً، وهو علمهم بأمر الدنيا وقيل: لا يفقهون من أمر الدين إلا فقهاً قليلاً، وهو ما يصنعونه نفاقاً بظواهرهم دون بواطنهم، والفرق بين الإضرابين أن:
الأول: رد أن يكون حكم الله أن لا يتبعوهم، وإثبات الحسد.
والثاني: إضراب عن وصفهم بإضافة الحسد إلى المؤمنين إلى وصفهم بما هو أعم منه، وهو الجهل وقلة الفقه، وفيه إن الجهل غاية في الذم، وحب الدنيا ليس من شيمة العالم العاقل.