وقال الزهري: حميتهم أنفتهم من الإقرار للنبي صلى الله عليه وسلم بالرسالة وقال الخطيب: حمية الجاهلية هي التي مدارها مطلق المنع، سواء كان بحق أو باطل، فتمنع من الإذعان للحق، ومبناها على التشفي على مقتضى الغضب لغير الله، فتوجب تخطي حدود الشرع ولذلك أنفوا من دخول المسلمين مكة المشرفة لزيارة البيت العتيق الذي الناس فيه سواء.
(فأنزل الله سكينته) أي الطمأنينة والوقار (على رسوله وعلى المؤمنين) حيث لم يدخلهم ما دخل أهل الكفر من الحمية، وقيل: ثبتهم على الرضا والتسليم.
أخرج البخاري ومسلم وغيرهما عن سهل بن حنيف أنه قال يوم صفين:" اتهموا أنفسكم فلقد رأيتنا يوم الحديبية يعني الصلح الذي كان بين النبي صلى الله عليه وسلم وبين المشركين ولو نرى قتالاً لقاتلنا فجاء عمر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله ألسنا على الحق؟ وهم على الباطل؟ أليس قتلانا في الجنة؟ وقتلاهم في النار؟ قال: بلى، قال ففيم نعطي الدنية في ديننا ونرجع ولما يحكم الله بيننا وبينهم؟ قال: يا ابن الخطاب إني رسول الله ولم يضيعني الله أبداً، فرجع متغيظاً فلم يصبر حتى جاء أبا بكر فقال: يا أبا بكر ألسنا على الحق وهم على الباطل؟ قال: بلى، قال: أليس قتلانا في الجنة وقتلاهم في النار: قال: بلى. قال: ففيم نعطي الدنية في ديننا؟ قال: يا ابن الخطاب إنه رسول الله ولم يضيعه الله أبداً فنزلت سورة الفتح، فأرسل رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى عمر فأقرأه إياها، قال: يا رسول الله أفتح هو؟ قال: نعم ".
(وألزمهم) أي أختار لهم، فهو إلزام تشريف وإكرام (كلمة التقوى) من الشرك وهي لا إله إلا الله، كذا قال الجمهور؛ وزاد بعضهم