للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

محذوف (إن شاء الله) تعليق للعدة بالمشيئة لتعليم العباد لما يجب أن يقولوه، كما في قوله: (وَلَا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ إِنِّي فَاعِلٌ ذَلِكَ غَدًا (٢٣) إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ) قال ثعلب: إن الله استثنى فيما يعلم ليستثني الخلق فيما لا يعلمون، وقيل: كأن الله سبحانه علم أنه يموت بعض هؤلاء الذين كانوا معه في الحديبية، فوقع الإستثناء لهذا المعنى، قاله الحسن بن الفضل، وقيل: معنى إن شاء الله كما شاء الله وقال أبو عبيدة: إن بمعنى إذ يعني إذ شاء الله حيث أرى رسوله ذلك.

(آمنين) حال من فاعل لتدخلن والشرط معترض، والمعنى: آمنين في حال الدخول، لا تخافون عدوكم أن يخرجكم في المستقبل (محلقين رؤوسكم ومقصرين) أي محلقاً بعضكم جميع الشعور، ومقصراً بعضكم، والحلق والتقصير خاص بالرجال، والحلق أفضل من التقصير، كما يدل على ذلك الحديث الصحيح في استغفاره صلى الله عليه وسلم للمحلقين في المرة الأولى والثانية، والقائل يقول له: وللمقصرين، فقال في الثالثة: وللمقصرين، وقد ورد في الدعاء للمحلقين والمقصرين في البخاري ومسلم وغيرهما أحاديث منها ما قدمنا الإشارة إليه وهو من حديث ابن عمر، وفيهما من حديث أبي هريرة أيضاًً (١).

(لا تخافون) مستأنف، وفيه زيادة تأكيد لما قد فهم من قوله آمنين فلا تكرار.

(فعلم ما لم تعلموا) معطوف على صدق، أي صدق رسوله الرؤيا، فعلم ما لم تعلموا من المصلحة في الصلح، لما في دخولكم في عام الحديبية من الضرر على المستضعفين من المؤمنين (فجعل من دون ذلك) أي دخولكم مكة كما أرى رسوله (فتحاً قريباً) ليقويكم به، فإنه كان موجباً


(١) زاد المسير/٤٤٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>