لأنه لم يصدر عن علم والمعنى متلبسين بجهالة بحالهم (فتصبحوا على ما فعلتم) بهم من إصابتهم بالخطأ (نادمين) على ذلك مغتمين له، مهتمين به، وفي الآية دليل على قبول خبر الواحد العدل، لأنا لو توقفنا في خبره لسوينا بينه وبين الفاسق، ولخلا التخصيص به عن الفائدة.
عن الحارث بن ضرار الخزاعي قال: " قدمت على رسول الله صلى الله عليه وسلم فدعاني إلى الإسلام فدخلت فيه، وأقررت به، ودعاني إلى الزكاة فأقررت بها وقلت: يا رسول الله أرجع إلى قومي فأدعوهم إلى الإسلام، وأداء الزكاة فمن استجاب لي جمعت زكاته، وترسل إلي يا رسول الله رسولاً إبان كذا وكذا ليأتيك ما جمعت من الزكاة، فلما جمع الحارث الزكاة ممن استجاب له وبلغ الإبان الذي أراد رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يبعث إليه احتبس الرسول فلم يأت فظن الحارث أن قد حدث فيه سخط من الله ورسوله، فدعا سروات قومه فقال لهم: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم وقت لي وقتاً يرسل إليّ رسوله، ليقبض ما كان عندي من الزكاة، وليس من رسول الله الخلف، ولا أرى حبس رسوله إلا من سخطه فانطلقوا فنأتي رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم الوليد بن عقبة إلى الحارث ليقبض ما عنده مما جمع من الزكاة، فلما أن سار الوليد حتى بلغ بعض الطريق فرق فرجع، فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: إن الحارث منعني الزكاة وأراد قتلي فضرب رسول الله صلى الله عليه وسلم البعث إلى الحارث فأقبل الحارث بأصحابه حتى إذا استقل البعث وفصل عن المدينة لقيهم الحارث فقالوا: هذا الحارث فلما غشيهم قال لهم: إلى من بعثتم؟ قالوا: إليك قال: ولم؟ قالوا: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث إليك الوليد بن عقبة فزعم أنك منعته الزكاة وأردت قتله، قال: لا والذي بعث محمداً بالحق ما رأيته بتة، ولا أتاني، فلما دخل الحارث على رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: منعت