الزجاج: الدين يجمعهم فهم إخوة إذا كانوا متفقين في دينهم فرجعوا بالاتفاق في الدين إلى أصل النسب، لأنهم لآدم وحواء، قال بعضهم:
أبي الإسلام لا أب لي سواه ... إذا افتخروا بقيس أو تميم
ولنعم ما قيل:
القوم إخوان صدق بينهم سبب ... من المودة لم يعدل به نسب
وذلك أن الإيمان قد عقد بين أهله من السبب القريب والنسب اللاصق ما إن لم يفضل الأخوة لم ينقص عنها ثم قد جرت العادة على أنه إذا نشأ مثل ذلك بين الأخوين ولاداً لزم السائر أن يتناهضوا في رفعه وإزاحته بالصلح بينهما، فالأخوة في الدين أحق بذلك.
(فأصلحوا بين أخويكم) يعني بين كل مسلمين تخاصما وتقاتلا، وفيه وضع الظاهر موضع المضمر مضافاً إلى المأمورين بالإصلاح، للمبالغة في التقرير والفاء للإيذان بأن الأخوة الدينية موجبة للإصلاح أو تخصيص الاثنين بالذكر لإثبات وجوب الإصلاح فيما فرقهما بطريق الأولى لأنهما أقل من يقع بينهما الشقاق، فإذا لزمت المصالحة بين الأقل كانت بين الأكثر ألزم لأن الفساد في شقاق الجمع أكثر منه في شقاق الاثنين، قرأ الجمهور على التثنية، قال أبو علي الفارسي في توجيهها: أراد بالأخوين الطائفتين، لأن لفظ التثنية قد يرد ويراد به الكثرة، وقال أبو عبيدة: أي أصلحوا بين كل أخوين، وقرىء إخوانكم بالجمع وقرىء أخوتكم بالفوقية على الجمع أيضاًً.
(واتقوا الله) في كل أموركم (لعلكم ترحمون) بسبب التقوى، والترجي باعتبار المخاطبين أي راجين أن يرحموا، أو لعل من الله في هذا المقام