الأبرص، ويقال للقمر أبرص لشدة بياضه وللوزغ سام أبرص لبياضه، والبريص الذي يلمع لمعان البرص ويقارب البصيص.
وقد كان عيسى عليه السلام يبريء من أمراض عدة كما اشتمل عليه الإنجيل، وإنما خص الله سبحانه هذين المرضين بالذكر لأنهما لا يبرآن في الغالب بالمداواة، وقال السيوطي: لأنهما داءان أعْيَا الأطباء وكان بعثه في زمن الطب، فأبرأ في يوم خمسين ألفاً بالدعاء بشرط الإيمان.
ولم يقل في هذين بإذن الله، لأنهما ليس فيهما كبير غرابة بالنسبة إلى الآخرين، فتوهم الألوهية فيهما بعيد، فلا يحتاج إلى التنبيه على نفيه خصوصاً وكان فيهم أطباء كثيرون.
(وأحيي الموتى) أي وكذلك إحياء الموتى، قد اشتمل الإنجيل على قصص من ذلك، قال ابن عباس: قد أحيى أربعة أنفس: عازر وابن العجوز وابنه العاشر وسام ابن نوح، وكلهم بقي وولد له إلا سام، قيل وكان دعاؤه بإحيائهم يا حي يا قيوم (بإذن الله) كرره لنفي توهم الألوهية فيه لأن الإحياء ليس من جنس الأفعال البشرية فهو رد على النصارى.
(وأنبئكم بما تأكلون وما تدخرون في بيوتكم) أي بما أكلتم البارحة من طعام وما خبأتم منه، عن عمار بن ياسر قال: بما تأكلون من المائدة وما تدخرون منها، وكان أخذ عليهم في المائدة حين نزلت أن يأكلوا ولا يدخروا فأكلوا وادخروا وخانوا، فجعلوا قردة وخنازير، وفي هذا دليل قاطع على صحة نبوة عيسى معجزة عظيمة له.
وهذا إخبار من المغيَّبات مع ما تقدم له من الآيات الباهرات وإخباره عن الغيوب بإعلام الله إياه بذلك، وهذا مما لا سبيل لأحد من البشر إليه إلا الأنبياء عليهم السلام، وأما أخبار المنجم والكاهن فلا بد لكل واحد منهما من مقدمات يرجع إليها ويعتمد في اخباره عليها، وقد يخطىء في كثير مما يخبر به.
(إن في ذلك) المذكور من خلق الطير وغيره (لآية لكم) أي عبرة ودلالة على صدقي (إن كنتم مؤمنين) يعني مصدقين بذلك انتفعتم بهذه الآية.