المعنى إلا لآمرهم، وأنهاهم، ويدل عليه قوله:(وما أمروا إلا ليعبدوا إلهاً واحداً لا إله إلا هو سبحانه عما يشركون) واختار هذا الزجاج.
وقال زيد بن أسلم: هو ما جبلوا عليه من السعاده والشقاوة، فخلق السعداء من الجن والإنس للعبادة، وخلق الأشقياء للمعصية، وقال الكلبي: المعنى إلا ليوحدون، فأما المؤمن فيوحده في الشدة والرخاء، وأما الكافر فيوحده في الشدة دون النعمة، كما في قوله:(وَإِذَا غَشِيَهُمْ مَوْجٌ كَالظُّلَلِ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ)، وقال جماعة: إلا ليخضعوا لي ويتذللوا، ومعنى العبادة في اللغة الذل والخضوع والإنقياد، وكل مخلوق من الجن والإنس خاضع لقضاء الله متذلل لمشيئته، منقاد لما قدره عليه، خلقهم على ما أراد، ورزقهم كما قضى لا يملك أحد منهم لنفسه نفعاً ولا ضراً، ووجه تقديم الجن على الإنس ههنا تقدم وجودهم، قال ابن عباس في الآية: ليقروا بالعبودية طوعاً أو كرهاً، وعنه قال: على ما خلقتهم عليه من طاعتي ومعصيتي، وشقوتي وسعادتي، وقيل: معنى (إلا ليعبدون) إلا مستعدين لأن يعبدوا بأن خلقت فيهم العقل والحواس والقدرة التي تتحصل بها العبادة، وهذا لا ينافي تخلف العبادة بالفعل من بعضهم؛ لأن هذا البعض، وإن لم يعبد الله، لكن فيه التهيؤ والاستعداد الذي هو الغاية بالحقيقة وهذا أحسن.