للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

سيبويه: خوطب العباد بما جرى في كلامهم، قال النحاس: يريد سيبويه أن أم في كلام العرب للخروج من حديث إلى حديث، أي لا ينبغي منهم هذا القول ولا يليق، قال الكواشي: وإنما قدرت ببل لأن ما بعدها متيقن، وما بعد أم مشكوك فيه، مسؤول عنه، وذكرت أم هنا خمس عشرة مرة، وكلها إلزامات ليس للمخاطبين بها عنها جواب، لكن قال الثعلبي نقلاً عن الخليل: إن كل ما في سورة الطور من أم فهو استفهام، وليس بعطف، وإنما استفهم تعالى مع علمه بهم تقبيحاً عليهم، وتوبيخاً لهم، كقول الشخص لغيره: أجاهل أنت؟ مع علمه بجهله.

(نتربص به) بإسناد الفعل إلى جماعة المتكلمين، وقرىء على البناء للمفعول نعت لشاعر، وقد كانت العرب تتحرز عن أذية الشاعر، فقالوا: لا نعارضه في الحال مخافة أن يغلبنا بقوة شعره، وإنما نتربص موته وهلاكه كما هلك من قبله من الشعراء (ريب المنون) أي صروف الدهر وحوادثه، والمعنى ننتظر به حوادث الأيام، فيموت كما مات غيره، أو يهلك كما هلك من قبله، والمنون يكون بمعنى الدهر، ويكون بمعنى المنية لأنها تنقص العدد، وتقطع المدد، وسمي الدهر منوناً لأنه يقطع الأجل، وإطلاق الريب على الحوادث استعارة تصريحية شبهت بالريب، أي الشك، لأنها لا تدوم ولا تبق على حال، كما أنه كذلك، قال الأخفش: المعنى نتربص إلى ريب المنون، فحذف حرف الجر، كما تقول: قصدت زيداً أي إلى زيد، قال الأصمعي: المنون واحد لا جمع له، قال الفراء: يكون واحداً وجمعاً، وقال الأخفش: جمع لا واحد له.

قال ابن عباس: إن قريشاً لما اجتمعوا إلى دار الندوة في أمر النبي صلى الله عليه وسلم قال قائل: منهم: احبسوه في وثاق، وتربصوا به المنون حتى يهلك، كما هلك من قبله من الشعراء، زهير والنابغة، إنما هو كأحدهم، فأنزل الله في ذلك هذه الآية. وقال ابن عباس: ريب المنون الموت، ثم أمره الله سبحانه أن يجيب عنهم فقال:

<<  <  ج: ص:  >  >>