ومعادهم ثم سبعة منها عقب آيات فيها ذكر النار وشدائدها، بعدد أبواب جهنم، وحسن ذكر الآلاء عقبها لأن من جملة الآلاء رفع البلاء، وتأخير العقاب، وبعد هذه السبعة ثمانية في وصف الجنتين وأهلهما بعدد أبواب الجنة وثمانية أخرى بعدها في الجنتين اللتين هما دون الجنتين الأولين، أخذاً من قوله: ومن دونهما جنتان، فمن اعتقد الثمانية الأولى وعمل بموجبها إستحق هاتين الثمانيتين من الله ووقاه السبعة السابقة، أفاده شيخ الإسلام في متشابه القرآن.
قال القتيبي: إن الله عدد في هذه السورة نعماءه، وذكر خلقه آلاءه، ثم أتبع كل خلة وضعها بهذه الآية، وجعلها فاصلة بين كل نعمتين، لينبههم على النعم، ويقررهم بها، كما تقول لمن تتابع له إحسانك وهو يكفره: ألم تكن فقيراً فأغنيتك؟ أفتنكر هذا؟ ألم تكن خاملاً فعززتك؟ أفتنكر هذا؟ ألم تكن راجلاً فحملتك؟ أفتنكر هذا؟ ألم تكن عرياناً فكسوتك؟ أفتنكر هذا؟ والتكرير حسن في مثل هذا ومنه قول الشاعر:
لا تقتلي رجلاً إن كنت مسلمة ... إياك من دمه إياك إياك
ومثل هذا الكلام شائع في كلام العرب، وذلك لأن الله تعالى ذكر في هذه السورة ما يدل على وحدانيته من خلق الإنسان وتعليمه البيان وخلق الشمس والقمر، والسماء والأرض، إلى غير ذلك مما أنعم به على خلقه، وخاطب الجن والإنس بالأشياء المذكورة، لأنها كلها منعم بها عليهم، قال الحسين بن الفضل: التكرير طرد للغفلة، وتأكيد للحجة، وذهب جماعة منهم ابن قتيبة إلى أن التكرير لإختلاف النعم، فلذلك كرر التوقيف مع كل واحدة.
وقال الرازي: وذكره بلفظ الخطاب على سبيل الإلتفات والمراد به التقرير والزجر، وذكر لفظ الرب لأنه يشعر بالرحمة. وكررت هذه اللفظة في هذه السورة إما للتأكيد، ولا يعقل لخصوص العدد معنى، قال الجلال المحلي: والإستفهام فيها للتقرير، لما روي الحاكم. عن جابر قال: قرأ علينا