الأرض يسألونه الأمرين جميعاً وقال مقاتل: يسأله أهل الأرض المغفرة والرزق وتسأل لهم الملائكة أيضاًً الرزق والمغفرة فكانت المسألتان جميعاً من أهل السماء وأهل الأرض لأهل الأرض. وكذا قال ابن جريج وقيل: يسألونه الرحمة قال قتادة: لا يستغني عنه أهل السماء ولا أهل الأرض أي في ذواتهم وصفاتهم وسائر ما يهمهم ويعن لهم والحاصل أنه يسأله كل مخلوق من مخلوقاته بلسان المقال، أو لسان الحال، ما يطلبونه من خيري الدارين، أو من خير أحدهما، وقال ابن عباس: مسألة عباده إياه الرزق والموت والحياة.
(كل يوم هو في شأن) أي: استقر سبحانه في شأن كل وقت من الأوقات واليوم عبارة عن الوقت والشأن هو الأمر، ومن جملة شؤونه سبحانه إعطاء أهل السموات والأرض ما يطلبونه منه، على اختلاف حاجاتهم، وتباين أغراضهم، قال المفسرون: من شأنه أنه يحيي ويميت، ويرزق ويفقر ويعز ويذل، ويمرض ويشفي، ويعطي ويمنع، ويغفر ويعاقب، ويرحم ويغضب إلى غير ذلك مما لا يحصى، وقيل: كل وقت وحين يحدث أموراً ويجدد أحوالاً، وقيل: نزلت في اليهود حين قالوا: إن الله لا يقضي يوم السبت شأناً وشيئاًً وقيل: المراد سوق المقادير إلى المواقيت، وقال الحسين ابن الفضل: أنها شؤون له يبديها لا شؤون يبتديها، وقال أبو سليمان الداراني: في كل يوم إلى العبيد بر جديد وقيل: يخرج في كل يوم وليلة ثلاثة عساكر عسكراً من أصلاب الآباء إلى أرحام الأمهات، وعسكراً من الأرحام إلى الدنيا وعسكراً من الدنيا إلى القبور؛ ثم يرتحلون جميعاً إلى الله تعالى.
ولا وجه لتخصيص شأن دون شأن، بل الآية تدل على أنه سبحانه كل يوم في شأن من الشؤون له، أي شأن كان من غير تعيين وشؤونه سبحانه لا تحصى، ولا يعلمها إلا هو، فالعموم أولى وأنسب بمقام القدرة وكمالها، وقيل: المراد باليوم المذكور هو يوم الدنيا ويوم الآخرة. وشأنه في الدنيا الإختبار بالأمر والنهي، والإحياء والإماتة، والإعطاء والمنع، وغير ذلك، وشأنه في الآخرة