الفقير بما يعطيه لأنه معاون له على الأجر، فالمنة لله وحده، وأن تكون من وسط الأموال ان لم تكن من أحسنها كما سيأتي في الآية ٢٦٧ من البقرة أيضا، ولهذا يقول تعالى قوله:«وَما تُقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ» أيها المؤمنون «مِنْ خَيْرٍ» ما ولو قليلا جدا، فإنكم «تَجِدُوهُ عِنْدَ اللَّهِ» في اليوم الآخر هو «خيرا» من الذي ادخرتموه «وَأَعْظَمَ أَجْراً» من الذي قضيتم فيه مصالحكم، وقرىء خير بالرفع على لغة تميم الذين يرفعون الفاصلة، فيقولون: كان زيد هو العاقل.
روى البغوي بسنده عن عبد الله قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أيكم ماله أحب اليه من مال وارثه؟ قالوا: يا رسول الله ما منا أحد إلا وماله أحب اليه من مال وارثه، قال: اعلموا ما تقولون، قالوا ما نعلم الّا ذلك يا رسول الله، قال: ما منكم رجل إلا مال وارثه أحبّ اليه من ماله، قالوا: كيف يا رسول الله؟ قال: إنما مال أحدكم ما قدّم، ومال وارثه ما أخر، هذا «وَاسْتَغْفِرُوا اللَّهَ» في تقصيركم فيما فرضه الله عليكم من الصلاة والزكاة. ولذلك شرعت الواجبات إكمالا للفرائض والسنن إكمالا للواجبات. لأنه إذا اقتصر على الفرض، فلو بما أن يكون قصّر فيه فيكون في شكّ في إتمام ما أمر به «إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ» لما وقع منكم من التقصير، دون علم وتعمد في هذين الفرضين وغيرهما «رَحِيمٌ ٢٠» بعباده لا يؤاخذهم على الخطأ والنسيان فيما أمرهم به ونهاهم عنه. والدليل على نزول هذه الآية بالمدينة الأمر فيها بإقامة الصلاة حيث فرضت ليلة الإسراء ٢٧ رجب سنة ٥١ السنة العاشرة من البعثة بمكة ولم تكن إقامتها علنا إلا بالمدينة.
مطلب فرض الزكاة والصلاة وتاريخهما ومحلهما أما الزكاة فقد فرضت في السنة الثانية من الهجرة سنة ٥٥ من ميلاده، فيكون بين آيات القيام المبينة أول السورة وبين آية التخفيف فيه، هذه ما يقارب عشر سنين، وعليه يكون نزول هذه السورة سنة ٤٥ من ميلاده الشريف الرابعة من البعثة، ثم فتر الوحي بعد هذه السورة وما قيل ان آية (وَاهْجُرْهُمْ هَجْراً جَمِيلًا) المارة نسخت بآية (ذَرْنِي وَالْمُكَذِّبِينَ) المارة بعدها، وكذلك آية «فَمَنْ شاءَ