للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

قال تعالى: «حم ١» اسم للسورة ومبدأ أسماء الله المحسن والحكيم والحاكم والحنان والمنان والحي والمميت والمجيد والمبدئ المعيد، قال ابن عباس: لكل شيء لباب ولباب القرآن الحواميم، والمر، وحم، ونون اسم الله الرحمن حروف مقطعة، وحم بمعنى حمّ أي قضي الأمر بما كان وما سيكون من مبدأ الكون إلى منتهاه، وهذه السور السبع تسمى آل حميم.

قال الكميت بن يزيد في الهاشميات:

وجدنا لكم في آل حم آية ... تأولها منا تقي ومغرب

وقال عبد الله بن مسعود رضي الله عنه: إن مثل صاحب القرآن كمثل رجل انطلق يرتاد لأهله منزلا فمر بأثر غيث، فبينما هو يسير ويتعجب منه إذ هو على روضات دمثات، فقال عجبت من الغيث الأول فهذا أعجب منه وأعجب، فقيل له إن مثل الغيث الأول مثل عظم القرآن، وإن مثل هذه الروضات الدمثات مثل آل حم وتجمع بالمدّ كالطواسين والطواسيم وتقرأ بالتفخيم ومد الحاء وفتحه وإسكان الميم، وقرأها حمزة وغيره بالإمالة، وقرأها قراء المدينة بين الفتح والكسر، وقرأها بعضهم بكسر الميم ويجمعها على حاميمات، ومن شواهد هذا الجمع ما قاله ابن عساكر في تاريخه:

هذا رسول الله في الخيرات ... جاء بياسين وحاميمات

أما معناها فأحسن الأقوال فيها قول من قال الله أعلم بمراده بذلك كما هو الحال فيما تقدم من الأقوال في الر والم والمص وطسم وطس وق ونون وص، وشبهها لأنها رموز بين الله تعالى ورسوله لا يعرفها على الحقيقة غيرهما، راجع ما ذكرناه أوائل السور المذكورة تجد ما تريده، إذ لم نترك قولا قيل فيها وزدنا فيها ما لم يقله أحد وهو أنها رموز بين الله ورسوله، ومنها اتخذ الملوك والأمراء الشفرة التي لا يعرفها غيرهما، لأن جميع ما في الدنيا أخذ من كتب الله السماوية، سواء ما يتعلق بالملوك والحكام والأحكام والآداب والأخلاق والتنعيم والتعذيب والحراسة والمراسيم وغيرها. «تَنْزِيلُ الْكِتابِ مِنَ اللَّهِ الْعَزِيزِ» الغالب المنيع، والكلام فيها كالكلام في مبدأ سورة الزمر المارة لفظا ومعنى وإعرابا، إلا أنه هنا يجوز

<<  <  ج: ص:  >  >>