للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

«وَسَلامٌ عَلى عِبادِهِ الَّذِينَ اصْطَفى» من اخوانك المرسلين واتباعهم وقل أنت ومن آمن معك «آللَّهُ خَيْرٌ أَمَّا يُشْرِكُونَ» ٥٩ به ممن لم يؤمن من قومك، فقولوا لا بل الله خير وأعلى وأعز، وهذا استفهام انكار لا يجاب الا بالنفي، وهو تبكيت للمشركين والزام الحجة عليهم، لأن الله تعالى لا شكّ خير لمن عبده وأنس به والأصنام شر لمن ركن إليها وعبدها لأنها لا تغني شيئا وتكون عليهم حجة يوم القيمة ثم ذكر الله جل ذكره من دلائل قدرته وبراهين وحدانيته وأمارات عظمته أنواعا فقال (أَمَّنْ خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ وَأَنْزَلَ لَكُمْ مِنَ السَّماءِ ماءً فَأَنْبَتْنا بِهِ حَدائِقَ) بساتين محاطة «ذاتَ بَهْجَةٍ» حسنة المرأى بديعة المنظر «ما كانَ لَكُمْ أَنْ تُنْبِتُوا شَجَرَها» أي لا يمكنكم إنباته، وان مباشرتكم زرعه لا يقتضي الإنبات، فلو شاء الله لم ينبته، فالمنبت الحقيقي هو الله الذي يسقيها بماء واحد فتثمر صنافا متنوعة مختلفة باللون والطعم والرائحة والشكل، وهو الذي قدركم على زرعه راجع الآية ٦٣ من سورة الواقعة المارة فانظروا أيها الناس «أَإِلهٌ مَعَ اللَّهِ» فعل ذلك أو أعانه عليه كلا ثم كلا «بَلْ هُمْ» قومك المعاندون «قَوْمٌ يَعْدِلُونَ» ٦٠ عن الحق إلى الباطل ويسارون الأصنام بالملك العلام، ويقولون نزرع ونحصد ونسقي، لو شاء الله لما أقدرهم على شيء من ذلك أصلا،

قال تعالى «أَمَّنْ جَعَلَ الْأَرْضَ قَراراً» لكم أيها الناس تستقرون عليها ليل نهار ولا نحسون بأنها عائمة «وَجَعَلَ خِلالَها أَنْهاراً» جارية عذبة وملحة ومرّة وباهتة وحريفة وحامضة، وأودع بعضها معادن وحيوانات متنوعة وحليّا مختلفا باللون والقيمة «وَجَعَلَ لَها رَواسِيَ» جبالا عظيمة تثقلها كي لا تضرب فتنعدم راحتكم عليها «وَجَعَلَ بَيْنَ الْبَحْرَيْنِ حاجِزاً» حصينا لئلا يختلط الملح بالعذب، فتنعدم المنفعة المقصودة منهما، فتفكروا «أَإِلهٌ مَعَ اللَّهِ» فعل شيئا من ذلك كلا «بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْلَمُونَ» ٦١ حقائق قدرتنا وعظمة سلطاننا وحقيقة حكمتنا، فقل لقومك هل الذي يعبدونه خير أم هذا الإله الفعال لكل شيء من نفع وخسر وخير وشر ومنع وإعطاء وعز وذل وغنى وفقر واحياء وإماتة، فالإله القادر على هذه الأشياء

<<  <  ج: ص:  >  >>