للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولا تشركوا بي أحدا ولا شيئا، كيف وقد أعطيتموني هذا الميثاق وشهدتم به على أنفسكم وأشهدت عليكم ملائكتي وقد نقضتموه وعبدتم غيري

«وَأَنِ اعْبُدُونِي» وحدي لا تشركوا بي شيئا «هذا» الذي عهدت به إليكم من وجوب طاعتي وعبادتي ومعصية الشيطان وترك الشرك هو «صِراطٌ مُسْتَقِيمٌ» ٦١ لو اتبعتموه لنجوتم الآن لأنه سوي بليغ بالاعتدال لا اعوجاج فيه فلو تمسكتم به لكفى في إلزام أنفسكم طاعتي قال الآلوسي رحمه الله:

تفسر بعض الناس عنك كناية ... خوف الوشاة وأنت كل الناس

لأن الأصل الاستقامة، ولا يكون إلا باتباع الطريق المستقيم فمن اتبعه نجا ومن حاد عنه هلك، قال تعالى مخاطبا الخلق كلهم «وَلَقَدْ أَضَلَّ مِنْكُمْ» أيها الناس «جِبِلًّا كَثِيراً» أي خلقا، لان الجبل الجماعة العظيمة والأمة التي لا تقل عن عشرة آلاف تشبيها لها بالجبل العظيم. مع كثرة إرسال الرسل إليكم لارشادكم «أَفَلَمْ تَكُونُوا تَعْقِلُونَ» ٦٢ ما بلغوكم به عنّا لتستعدوا ليومكم هذا استفهام توبيخ وتقريع لعدم اتعاظهم بما جرى على الأمم الضالة قبلهم تكذيبهم رسلهم وطاعتهم عدوهم إبليس ثم التفت لأهل النار وقال لهم «هذِهِ جَهَنَّمُ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ» ٦٣ بها من قبل الرسل في الدنيا والتي كانوا يخوفونكم بها وأنتم تكذبونهم ثم يقال لهم على سبيل الإهانة والتحقير من قبل ملائكة العذاب «اصْلَوْهَا الْيَوْمَ» أدخلوها لتكونوا وقودها «بِما كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ» ٦٤ بالله ورسله وتجحدون هذا اليوم ولما أرادوا أن يتكلموا الجمهم عن الكلام بقوله «الْيَوْمَ نَخْتِمُ عَلى أَفْواهِهِمْ» لئلا يتكلموا بها لانا سنأمر جوارحهم بالاعتراف عما فعلت «وَتُكَلِّمُنا أَيْدِيهِمْ» بما بطشت وما أخذت وأعطت «وَتَشْهَدُ أَرْجُلُهُمْ» بما مشت ورمحت وهكذا كافة أعضائهم تنطق «بِما كانُوا يَكْسِبُونَ» ٦٥ في الدنيا وذلك أنهم أرادوا أن يعتذروا إلى الله بأنهم انقادوا لأكابرهم وأنهم لم يكذبوا رسله ولم يشركوا به، كما مر في الآية ٥٩ فما بعدها من سورة ص وما سيأتي في الآية ٢٣ من سورة الأنعام في ج ٢

<<  <  ج: ص:  >  >>