للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

من جملة إخباره عليه الصلاة والسلام بالغيب، على أنه كان هناك رباط وهو سهر الاصحاب على الخندق لئلا يقتحمه المشركون فهو الرباط بعينه. هذا وقد ذكر رسول الله صلّى الله عليه وسلم أحاديث صحيحة في ثواب الرباط ذكرنا قسما منها في الآيتين المذكورتين آنفا، وفيها ما يرشدك لغيرهما، فإذا أجلت النظر ركنت إلى عدم العدول عن الظاهر وجعلت معنى الرباط الوارد في هذا الحديث مجازا، وأن للقائم بما فيه ثواب المرابط في سبيل الله. قال أهل المعاني اصبروا أيها المؤمنون على الدنيا ومحنتها رجاء الراحة في القيامة وصابروا عند القتال بالثبات والاستقامة رجاء النصر والعز والسلامة، ورابطوا على مجاهدة النفس اللوامة واتقوا ما يعقبكم الندامة تفوزوا عند الله في دار الكرامة وقالوا على لسان ذي الجلال جل جلاله اصبروا على بلائي، وصابروا على نعمائي، ورابطوا على مجاهدة أعدائي، واتقوا محبة سوائي تربحوا بلقائي، وقالوا اصبروا على النعماء وصابروا على البأساء والضراء، ورابطوا على دور الأعداء، واتقوا إله الأرض والسماء تنجوا في دار البقاء. ومعنى قوله صلّى الله عليه وسلم فذالكم الرباط أي معظمه، لأن الرباط انتظار مراقبة العدو على ثغور المسلمين، ومنعه من اقتحامها، وفي الحديث انتظار دخول وقت الصلاة بعد الصلاة، فيكون فيه مجازا كما ذكرنا هذا، والله أعلم، واستغفر الله، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، وصلّى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه أجمعين وسلم تسليما كثيرا إلى يوم الدين والحمد لله رب العالمين، حمدا دائما كثيرا يوافي نعمه ويكافي مزيده.

تفسير سورة الأحزاب عدد ٤- ٩٠ و ٣٣

نزلت بالمدينة بعد سورة آل عمران، وهي ثلاث وسبعون آية، والف ومئتان وثمانون كلمة، وخمسة آلاف وسبعمئة وتسعون حرفا، لا يوجد مثلها في عدد الآي، وتقدم في سورة الكافرين ج ١ السور المبدوءة بما بدئت به.

«بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ» قال تعالى: «يا أَيُّهَا النَّبِيُّ اتَّقِ اللَّهَ وَلا تُطِعِ الْكافِرِينَ وَالْمُنافِقِينَ» فيما يعرضانه عليك أو يطلبانه منك لأنك لا تعلم دخائلهم «إِنَّ اللَّهَ كانَ عَلِيماً حَكِيماً» (١) لا يخفى على علمه شيء

<<  <  ج: ص:  >  >>