«بَلى» تمسكم النار حتما إن بقيتم على كفركم، لأن «مَنْ كَسَبَ سَيِّئَةً وَأَحاطَتْ بِهِ خَطِيئَتُهُ» بأن مات مصرا عليها وهي لعظمها محيقة به من كل أطرافه «فَأُولئِكَ أَصْحابُ النَّارِ هُمْ فِيها خالِدُونَ»(٨١) لا يخرجون منها أبدا.
وأعلم أنه يوجد في القرآن ثماني آيات مبدوءة بلفظ بلى هذه والآية ١١١ الآتية والآيتين ٧٥/ ١٢٥ من آل عمران الآتية والآية ٨١ من سورة يس و ١٤ من سورة القيامة في ج ١ و ٥٩ من الزمر و ١٥ من الانشقاق ج ٢، أما الآيات المبدوءة بالباء فهي ٥٥ آية. «وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ أُولئِكَ أَصْحابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيها خالِدُونَ»(٨٢) قال تعالى «وَإِذْ أَخَذْنا مِيثاقَ بَنِي إِسْرائِيلَ» في التوراة «لا تَعْبُدُونَ إِلَّا اللَّهَ» وحده «وَبِالْوالِدَيْنِ» أحسنوا «إِحْساناً وَذِي الْقُرْبى وَالْيَتامى وَالْمَساكِينِ» أحسنوا إليهم لخلوهم عمن يقوم بمعاشهم ومصالحهم وأخر المساكين لأنهم دون اليتامى القاصرين عن درجة البلوغ لأنهم يقدرون على أن ينتفعوا بأنفسهم في الجملة ويقدرون على نفع غيرهم بالخدمة كما قدم ذا القربى لأنهم أقدم والشفقة عليهم أعظم أجرا منها على غيرهم «وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْناً» عاملوهم بالمعروف وعاشروهم باللطف وألينوا لهم القول واخفضوا لهم الجانب وأحسنوا أخلاقكم معهم «وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكاةَ» وقد عدل في هذه الأوامر الثلاثة الأخيرة من الغيبة إلى الخطاب، وهي تتمة التكاليف الثمانية التي أمروا بها بالتوراة إيذانا بأمرهم بها، لأن الأول قوام الأخلاق، والأخير ملاك الدين وإعلاما بعدم قيامهم بها بدليل قوله «ثُمَّ تَوَلَّيْتُمْ» عن القيام بهذه العهود وأعرضتم «إِلَّا قَلِيلًا مِنْكُمْ» أخذوا بها ولم يعرضوا عنها «وَأَنْتُمْ مُعْرِضُونَ ٨٣» حتى الآن أيها المخاطبون كإعراض الأكثر من آبائكم، وذكرنا في الآية ١٥١ من الأعراف والآية ١٥ من الإسراء في ج ١ ما يتعلق بآيات بني إسرائيل والوصايا التي أنزلت عليهم ليعلموا بها بصورة مفصلة في الآية ١٥١ من الأنعام في ج ٢ فراجعها، «وَإِذْ أَخَذْنا مِيثاقَكُمْ لا تَسْفِكُونَ» أيها الإسرائيليون «دِماءَكُمْ» بأن يقتل بعضكم بعضا «وَلا تُخْرِجُونَ أَنْفُسَكُمْ مِنْ دِيارِكُمْ» أي لا يخرج أحدكم الآخر من داره وبلده «ثُمَّ أَقْرَرْتُمْ» بهذا العهد وتعهدتم بإنقاذه