ممّن يتعاهدهم، وإلا فلا تغيير لما وضعه الله «ذلِكَ» الدين القويم والفطرة المستقيمة هو «الدِّينُ الْقَيِّمُ» البالغ مستوى العدالة «وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ» ٣٠ حقيقته فيزيغون عنه والأقل يعلم شيئا منه ويعرض عنه،
فلا تنظر يا سيد الرسل إلى هؤلاء وقم به أنت وأصحابك حال كونكم «مُنِيبِينَ إِلَيْهِ» خاضعين له راجعين إليه «وَاتَّقُوهُ وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ» المفروضة عليكم في أوقاتها فهي أسّه وعماده وملاك شعاء «وَلا تَكُونُوا مِنَ الْمُشْرِكِينَ» ٣١ به غيره «مِنَ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ» بدل من المشركين بإعادة الجار وقرىء فارقوا، وهذه الآية تقيّد آية الأنعام ١٥٩ المارة لأنها تفيد التبعيض وتلك تفيد العموم، وقدمنا ما يتعلق بمثل هذا الخطاب في الآية ٦٤ من سورة الزمر المارة، وهؤلاء لم يتفقوا على التفريق في الدين بل تعدّوه «وَكانُوا شِيَعاً» فرقا مختلفة فيه كل طائفة تشايع غيرها وإمامها الذي أضلها، ومع أنهم كلهم على ضلال في ذلك فإنهم «بِما لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ» ٣٢ راضون به يحسبونه حقا لعدم تدبرهم وتفكرهم في حقيقته، راجع الآية ١٣ من الشورى المارة تجد ما يتعلق ببحث التفرق.
قال تعالى «وَإِذا مَسَّ النَّاسَ ضُرٌّ دَعَوْا رَبَّهُمْ مُنِيبِينَ إِلَيْهِ» بالدعاء والتضرع حالة كونهم خاشعين مقبلين راجعين إليه «ثُمَّ إِذا أَذاقَهُمْ مِنْهُ رَحْمَةً إِذا فَرِيقٌ مِنْهُمْ بِرَبِّهِمْ يُشْرِكُونَ» ٣٣ معه غيره في العبادة والدعاء ويظن هؤلاء الكفرة العتاة أنما تنشر عليهم شيئا من رحمتنا «لِيَكْفُرُوا بِما آتَيْناهُمْ» من النعم جزاء لفضلنا عليهم كلا بل قل لهم يا سيد الرسل إن الله لم يهملكم ولم يعطكم لتكفروا به «فَتَمَتَّعُوا» بكفركم «فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ» ٣٤ عاقبة ذلك، وفي هذه الجملة التفات من الغيبة إلى الخطاب وتهديد ووعيد بسوء العاقبة، قال تعالى «أَمْ أَنْزَلْنا عَلَيْهِمْ سُلْطاناً» وهذا التفات من الخطاب إلى الغيبة ففيه إيذان بالإعراض عنهم وتعديد جناياتهم لغيرهم ليطلعوا عليها «فَهُوَ يَتَكَلَّمُ» أي ذلك البرهان المعبر عنه بسلطان «بِما كانُوا بِهِ يُشْرِكُونَ» ٣٥ وما هنا مصدرية، أي لم ننزل سلطانا بإشراكهم وإنما اختلقوه من أنفسهم «وَإِذا أَذَقْنَا النَّاسَ رَحْمَةً» من غيث أو صحة أو ولد أو رزق، أي مطلق نعمة، كما أن