من الذل والعار والخزي والقتل والغرق «إِنَّ هؤُلاءِ» الذين ترونهم يعبدون الأصنام ويتخذون عبادتها قربة إلى الله، الذين تريدون أن يكون لكم مثل ما لهم من الأوثان «مُتَبَّرٌ» مدمّر هالك «ما هُمْ فِيهِ» من الحال ويؤدي إلى تدميرهم وليس بدين يتدين به وأن الله سيقدرني على تحطيم أصنامهم هذه وتبديدها وتصييرها فتاتا، لأن عبادتهم لها كفر محض واشراك مع حضرة الربوبية ومثل هذا الطلب محرم وهؤلاء قوم حمق «وَباطِلٌ ما كانُوا يَعْمَلُونَ ١٣٩» من صنعها وعبادتها فهم كفار يجب قتالهم، لأنهم لم يريدوا بعبادتها وجه الله ثم «قالَ أَغَيْرَ اللَّهِ أَبْغِيكُمْ إِلهاً» كلا لا إله غيره «وَهُوَ فَضَّلَكُمْ عَلَى الْعالَمِينَ ١٤٠» في زمانكم وهو المستحق للعبادة وحده لأنه النافع الضار، وهذه الأصنام لا تنفع ولا تضر فكيف تريدون عبادتها وهي لا تدفع شرا عن نفسها هذا جزاء الله منكم أيها الفسقة. أخرج الترمذي عن أبي واقد الليثي أن رسول الله صلّى الله عليه وسلم لما خرج إلى غزوة حنين امرّ بشجرة للمشركين كانوا يعلقون عليها أسلحتهم يقال لها ذات أنواط فقالوا (أي طائفة ممن معه) اجعل لنا ذات أنواط كما لهم ذات أنواط، فقال صلّى الله عليه وسلم سبحان الله هذا كما قال قوم موسى (اجْعَلْ لَنا إِلهاً كَما لَهُمْ آلِهَةٌ) والذي نفسي بيده لتركين سنن من قبلكم، الحديث.
ثم شرع يعدد عليهم نعمه فقال «وَإِذْ أَنْجَيْناكُمْ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَسُومُونَكُمْ» يولونكم ويكلفونكم ويبغونكم «سُوءَ الْعَذابِ» أشده وأقساه ثم بينه بقوله «يُقَتِّلُونَ أَبْناءَكُمْ وَيَسْتَحْيُونَ نِساءَكُمْ وَفِي ذلِكُمْ» العذاب المهين محنة فظيعة «بَلاءٌ مِنْ رَبِّكُمْ عَظِيمٌ ١٤١» لا أعظم منه في الدنيا فهو غاية الذل ونهاية الخزي والعار، فالرب الذي أنجاكم من وأهلك عدوكم وملككم أرضه وماله، أليق بكم أن تشتغلوا بعبادته طلبا لرضاه وشكرا لما أولاكم وأجدر أن لا تشركوا معه شيئا أبدا، لا أن تقولوا اجعل لنا إلها من أحجار وأخشاب ومعادن جامدة أو من حيوان عاجز، انتهوا عن هذا واستغفروا لئلا يحل بكم غضبه، قال تعالى «وَواعَدْنا مُوسى ثَلاثِينَ لَيْلَةً» للتشرف بمناجاتنا وهو شهر ذي القعدة «وَأَتْمَمْناها بِعَشْرٍ» من ذي الحجة «فَتَمَّ مِيقاتُ رَبِّهِ