أوانه، وهو من مقتضيات الشهوة، فلذلك صارت مذمومة حتى قيل العجلة من الشيطان، والقاعدة الشرعية: من استعجل الشيء قبل أوانه عوقب بحرمانه، قال القائل:
لا تعجلن لأمر أنت طالبه ... فقلما يدرك المطلوب ذو العجل
فذو التأني مصيب في مقاصده ... وذو التعجل لا يخلو من الزلل
فالإنسان لقلة صبره وفرط استعجاله جعل كأنه مخلوق من العجلة، لأنه يكثر منها، والعرب تقول لكثير الكرم خلق من الكرم «سَأُرِيكُمْ آياتِي» التي تطلبونها أيها الناس «فَلا تَسْتَعْجِلُونِ» ٣٧ نزولها وذلك أنهم كانوا يقولون لمحمد صلّى الله عليه وسلم هات ما توعدنا به من العذاب أدع ربك فلينزله علينا، فأجابهم الله بأنه لا بد من إنزاله بكم، ولكن لم يحن بعد أجله القدر له «وَيَقُولُونَ مَتى هذَا الْوَعْدُ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ» ٣٨ في قولكم يا محمد ويكررون هذه المقالة له على طريق السّخرية والاستهزاء بوعده، وهذا هو الاستعجال المذموم الذي أوعدهم الله سوء عاقبته، راجع الآية ٤٨ من سورة يونس المارة. قال تعالى «لَوْ يَعْلَمُ الَّذِينَ كَفَرُوا» ما هو ذلك العذاب هو «حِينَ» يحل بهم «لا يَكُفُّونَ عَنْ وُجُوهِهِمُ النَّارَ وَلا عَنْ ظُهُورِهِمْ وَلا هُمْ يُنْصَرُونَ» ٣٩ إذا حل بهم فلا يقدرون على ردّ شيء منه ولا تأخيره، وجواب لو محذوف تقديره لما كانوا طلبوا ولا استهزأوا ولعلموا أن جهلهم هو الذي أوقعهم في ذلك العذاب وحدا بهم إلى تلك المهالك. قال تعالى «بَلْ تَأْتِيهِمْ» الساعة المقدر فيها نزوله أو الموت «بَغْتَةً» على حين غرة فجأة «فَتَبْهَتُهُمْ» ويهولهم أمرها وتراهم حين تأتيهم حائرين «فَلا يَسْتَطِيعُونَ رَدَّها» عنهم ولا الصبر عليها «وَلا هُمْ يُنْظَرُونَ» ٤٠ يمهلون ليتوبوا ويعتذروا كما أنهم لا ينصرون من قبل أحد.
قال تعالى مسليا لحبيبه «وَلَقَدِ اسْتُهْزِئَ بِرُسُلٍ مِنْ قَبْلِكَ» كما استهزأ بك قومك «فَحاقَ بِالَّذِينَ سَخِرُوا مِنْهُمْ ما كانُوا بِهِ يَسْتَهْزِؤُنَ» ٤١ من نزول العذاب فلم يحسوا إلا وقد نزل وأحاط بهم وكذلك قومك يا محمد إذا يقوا مصرين على تكذيبهم وسخريتهم يحيق بهم مثلهم، راجع نظيرة هذه الآية