للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قتلك إذا دلهم عليك صاحبك المنافق وجاء بهم عليك ليقتلوك فمنعتهم أن يصلوا إليك ورفعتك إلى السّماء وألقيت شبهك على ذلك المنافق فقتلوه بذلك جزاء وفاقا لجرمه، هذا في الدّنيا وصلبوه إهانة له، وسيكون جزاؤه في الآخرة أشدّ وأفظع، ثم رفعتك إلى السّماء وأقمتك فيها لانتهاء مدتك الأولى في الأرض، راجع الآية ٥٤ من سورة آل عمران المارة، وما كانت عداوة بني إسرائيل معك «إِذْ جِئْتَهُمْ بِالْبَيِّناتِ» العجيبة والآيات الباهرة الغريبة المثبتة لصدقك فكفروا بها حسدا وعدوانا وتمسكا بتقاليدهم لبقاء الرّياسة لهم «فَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ» بتلك الآيات «إِنْ هذا» الذي جئت به ليس بحقيقة وما هو «إِلَّا سِحْرٌ مُبِينٌ» (١١٠) وذلك أن الله تعالى طبع على قلوبهم وأعمى أبصارهم فلم يميزوا بين الحقيقة والخيال عنادا وعتوا، تنبه هذه الآية تدل على قبح من يقول بإلهية عيسى، لأنه من جملة عباد الله، وأن ما فعله من المعجزات كان بفعل الله وإقداره عليها، وتدل على أنه كان عبد الله ورسولا له، ليس إله، ولا ابنا للإله، وأن أمه كسائر النساء، وإنما اختصها بما يكرمها ويفضلها على غيرها. وتشير إلى أن ما نسب إلى عيسى جرم عظيم لا يوازيه جرم من كذّب الرّسل فقط، لأن تكذيبهم طعن فيهم، وهذا طعن في الله تعالى لو صمه باتخاذ الولد والزوجة والشّريك تبرأ عن ذلك وتنزه.

واذكر لقومك يا حبيبي قصة أخرى مما يتعلق بعيسى أيضا وهي «وَإِذْ أَوْحَيْتُ إِلَى الْحَوارِيِّينَ» أصحاب عيسى فالهمتهم وقذفت في قلوبهم «أَنْ آمِنُوا بِي» أنا الله ربكم ومالك أمركم «وَبِرَسُولِي» عيسى كما آمن الّذين من قبلكم بأنبيائي «قالُوا آمَنَّا» استجابة لما ألقيته في روعهم، ثم قالوا معلنين تمكين إيمانهم يا ربنا «وَاشْهَدْ بِأَنَّنا مُسْلِمُونَ» (١١١) لك منقادون إلى عظمتك والحواري الصّفي والخاصّة والوزير والأمين والخليفة، روى البخاري ومسلم عن جابر بن عبد الله قال: ندب النّبي صلّى الله عليه وسلم الناس يوم الخندق فانتدب الزبير، ثم ندبهم فانتدب الزبير، فقال صلّى الله عليه وسلم إن لكل نبي حواريا وحواري الزبير بن العوام رضي الله عنه أي صفيه وخاصته، وقد أخبر صلّى الله عليه وسلم بأنه يقتل، فقال بشر قاتل الزبير بالنار، وقتل رضي الله عنه في حادثة الجمل قبل البصرة ودفن هناك، وقبره يزار بالتعظيم والإجلال حتى الآن، وقد

<<  <  ج: ص:  >  >>