للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وتغلبه على نفسه، وهو عليه السّلام مخصوص بذلك من عموم الأنبياء قال تعالى (وَالْقَواعِدُ مِنَ النِّساءِ) أي اللاتي لا يتزوجن كما سيأتي بحثهن في الآية ٩١ من هذه السّورة ويفهم من حمد سيدنا يحيى وعدم ندب القواعد للزواج جواز عدمه للقادر عليه الحافظ لنفسه، إلا أن الزواج أفضل لما فيه من التكاثر الذي ندب إليه حضرة المصطفى بحديثه الآنف الذكر، يؤيده الخبر الوارد لا رهبانية في الإسلام.

وتفيد هذه الآية ان أمر تزويج الأيامى منوط بأوليائهم، والعبيد والإماء إلى ساداتهم، بدليل مخاطبتهم بذلك بقوله جل قوله (وَأَنْكِحُوا) وعليه فلا يجوز زواجهم بغير إذنهم وهو كذلك، ويدل عليه قوله تعالى (فَانْكِحُوهُنَّ بِإِذْنِ أَهْلِهِنَّ) الآية ١٥ من النّساء المارة وهذه تؤكد تلك لشمولها الأحرار أيضا وبما أخرجه ابو داود والترمذي عن أبي موسى الأشعري، قال قال رسول الله صلّى الله عليه وسلم لا نكاح إلّا بولي، ولهما عن عائشة عنه صلّى الله عليه وسلم أنه قال أيما امرأة نكحت بغير اذن وليها فنكاحها باطل ثلاثا فإن أصابها فلها المهر بما استحل من فرجها، فإن تشاحّوا فالسلطان ولي من لا ولي له. ولهذا قال الإمام مالك عليه الرّحمة إن كانت المرأة دنيّة يجوز لها تزويج نفسها، أي لأن أوليائها منها براء لدناءتها وإن كانت شريفة فلا.

مطلب ارجاء زواج الفقير لفناه. وجواز الكاتبة ندبا. وفي معنى (إِنْ أَرَدْنَ تَحَصُّناً) . ومعنى قوله تعالى (اللَّهُ نُورُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) :

قال تعالى «وَلْيَسْتَعْفِفِ الَّذِينَ لا يَجِدُونَ نِكاحاً حَتَّى يُغْنِيَهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ» فيتزوجوا حينذاك وإلا فعليهم ملازمة التقوى والصّبر والصّيام ومداومة العمل والتكسّب، حتى إذا من الله عليهم تزوجوا «وَالَّذِينَ يَبْتَغُونَ الْكِتابَ» بلا أجل أو الى أجل قليل أو كثير «مِمَّا مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ» من العبيد والإماء «فَكاتِبُوهُمْ إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْراً» قدرة على الكسب وأمانة على الوفاء وديانة تحفظهم من النّكث والنّقض وتجربة ليطمئن لها المكاتب.

وعلى هذا إذا وثقتم بهم وكاتبتموهم فأعينوهم امتثالا لأمره تعالى المنوه به في قوله «وَآتُوهُمْ مِنْ مالِ اللَّهِ الَّذِي آتاكُمْ» أي من الزكاة، لأنهم من

<<  <  ج: ص:  >  >>