الآخرة بالدنيا ويكون قصدهم من الجهاد الغنيمة فقط «وَمَنْ يُقاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيُقْتَلْ أَوْ يَغْلِبْ» ويبقى حيا «فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ» بالحالتين «أَجْراً عَظِيماً»(٧٤) غنيمة وسعادة أو ثوابا وشهادة. روى البخاري ومسلم عن أبي هريرة قال قال صلّى الله عليه وسلم تضمن الله لمن خرج في سبيل الله لا يخرجه إلا جهاد في سبيلي وإيمان بي وتصديق برسلي فهو علي ضامن أن أدخله الجنة أو أرجعه إلى مسكنه الذي خرج منه نائلا ما نال من أجر أو غنيمة، وإذا كان كذلك «وَما لَكُمْ لا تُقاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ» أيها المؤمنون وقد تكفل الله لكم بذلك وتستنقذوا المؤمنين إخوانكم المعذبين في مكة «وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجالِ وَالنِّساءِ وَالْوِلْدانِ» وتخلصونهم من أيدي المشركين وبراثن أعداء الدين حيث منعوهم من الهجرة إلى المدينة وحالوا دون التحاقهم بإخوانهم وأهليهم فيها ولا يزالون يعذبونهم بقصد ردهم عن دينهم ولا قوة لهم يمتنعون بها منهم وهم «الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنا أَخْرِجْنا مِنْ هذِهِ الْقَرْيَةِ» مكة وهي وطنهم الأصلي لشدة ما يقاسونه فيها من أهلها من العذاب بدلالة قوله تعالى حكاية عنهم «الظَّالِمِ أَهْلُها» أنفسهم بالشرك والتعدي على الغير «وَاجْعَلْ لَنا مِنْ لَدُنْكَ» يا إلهنا وسيدنا «وَلِيًّا» ينقذنا من ظلمهم «وَاجْعَلْ لَنا مِنْ لَدُنْكَ نَصِيراً»(٧٥) ينصرنا عليهم، فيسر الله لبعضهم الخروج إلى المدينة ورد صلّى الله عليه وسلم أبا جندل على الصورة المارة في الآية ١١ من الممتحنة، ورجعوا إلى المدينة، وبقي بعضهم إلى الفتح استجابة لدعائهم، إذ تولى أمرهم خير ولي وجعل ناصرهم خير ناصر، وخلصهم أحسن خلاص، وذلك لما وقع صلح الحديبية.
[مطلب ما فعله ابو نصير وفتح خيبر وتبوك وما وقع فيهما من المعجزات وظهور خير صلح الحديبية الذي لم يرض به الأصحاب.]
وجاء ابو نصير عتبة ابن أسد مسلما إلى المدينة وطلبه المشركون بمقتضى المعاهدة المذكورة، فرده صلّى الله عليه وسلم مع الرجلين اللذين جاءا بطلبه، وقال له قد أعطينا القوم ما علمت من الشروط في المعاهدة، ولا يصلح في ديننا الغدر، وإن الله جاعل لك وللمستضعفين مثلك فرجا ومخرجا فلما ذهب معهما ووصلا ذا الحليفة قتل أحدهما وفر