٦٦ بها وإذ ذاك يرون سوء صنيعهم فيه. وإلى هنا انتهى ما جاء في حق عيسى عليه السلام. قال تعالى «الْأَخِلَّاءُ» على المعاصي في الدنيا «يَوْمَئِذٍ» يوم تقوم الساعة ويقفون في الموقف يكون «بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ» فيه، لأن كلّا منهم يحمل على صاحبه وخليله بما حل به من العذاب، فيقول له أنت الذي سببته لي «إِلَّا الْمُتَّقِينَ» ٦٧ الذين تحابوا في الدنيا على تقوى الله وتخاللوا من أجله فهؤلاء ينتفعون بها بالآخرة فيشفعون لبعضهم كما انتفعوا بها في الدنيا بأمر بعضهم بعضا بالمعروف ونهيهم عن المنكر ويرون ثواب ما كانوا مجتمعين عليه ويتناصحون فيه، راجع الآية ٦٣ من سورة يونس المارة والآية ٣١ من سورة إبراهيم الآتية في بحث الصداقة، ويقول الله تعالى لهؤلاء «يا عِبادِ لا خَوْفٌ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ» مما يخاف الناس العصاة من أهوال يوم القيامة «وَلا أَنْتُمْ تَحْزَنُونَ» ٦٨ على ما فاتكم في الدنيا، قال المعتمر بن سليمان إن الناس حين يبعثون ليس منهم أحد إلا فزع، فينادى يا عبادي، فيرجوها كل أحد، فيتبعها قوله عز قوله (الَّذِينَ آمَنُوا بِآياتِنا) التي أظهرناها على أيدي رسلنا «وَكانُوا مُسْلِمِينَ» ٦٩ لنا منقادين لأوامرنا، فييأس الكفار ويقفون حائرين مبهوتين، ويقال لهؤلاء المؤمنين «ادْخُلُوا الْجَنَّةَ أَنْتُمْ وَأَزْواجُكُمْ» المؤمنات «تُحْبَرُونَ» ٧٠ تسرون فيها وتنعمون بنعيمها فيظهر على وجوههم آثار الفرح والسرور والرضاء
ثم «يُطافُ عَلَيْهِمْ بِصِحافٍ» جمع صحيفة أواني الطعام «مِنْ ذَهَبٍ» بيان لنوعها وجنسها «وَأَكْوابٍ» أوانى الشرب من ذهب أيضا، ولما كان الطعام عادة أكثر من الشراب جمع الصحاف جمع كثرة والأكواب جمع قله «وَفِيها» أي الجنة التي أدخلوها «ما تَشْتَهِيهِ الْأَنْفُسُ وَتَلَذُّ الْأَعْيُنُ» من المأكول والمشروب والملبوس والمنام والنساء وغيرها، وجاء هنا ذكر لذة العين التي هي جاسوس النفس بعد اشتهائها تخصيص بعد تعميم كما ذكر أولا الوصف الشامل لكل لذة ونعيم بعد ذكر الطواف بأواني الذهب الذي هو بعض من النعيم والترفه تعميم بعد تخصيص، قال تعالى «وَأَنْتُمْ فِيها خالِدُونَ» ٧١ أبدا لا تتحولون عنها «وَتِلْكَ الْجَنَّةُ» العظيمة بهية المنظر منعشه الأرواح