للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كما قرأه. وفي رواية كما وعده الله، ورواه البغوي من طريق البخاري بزيادة يحرك لسانه وشفتيه بشدة وكان يعرف منه. وفيه فكان إذا أتاه جبريل أطرق فإذا ذهب قرأه كما وعده.

لذلك فإن هذه الآية كالمعترضة بين ما قبلها وما بعدها كما ترى «كَلَّا» حقا انكم لا تميلون إلى الآجلة «بَلْ تُحِبُّونَ الْعاجِلَةَ ٢٠» الفانية فتنهكون فيها

«وَتَذَرُونَ الْآخِرَةَ ٢١» الباقية فلا تلتفتون إليها وكان الأحرى بكم العكس «وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ» يوم تكون الآخرة التي اخترتم الدنيا عليها «ناضِرَةٌ ٢٢» حسنة ناعمة جميلة مضيئة مسرورة بما رأت «إِلى رَبِّها» في جنته العالية «ناظِرَةٌ ٢٣» مبصرة مشاهدة عيانا بلا حجاب ولا كيفية ولا كمية ولا ثبوت جهة أو مسافة. قال في بدء الأمالي:

يراه المؤمنون بغير كيف ... وادراك وضرب من مثال

فينسون النعيم إذا رأوه ... فيا خسران أهل الاعتزال

ومن قال ان ناظرة بمعنى منتظرة، فقد أخطأ لأن العرب لا تقول نظرت إلى الشيء بمعنى انتظرته بل تقول نظرت فلانا أي انتظرته قال الحطيئة:

وقد نظرتكم أعشاء صادرة ... للورد طال بها حوري وتنساسي

وعليه إذا قلت نظرت إليه فلا يكون إلا بالعين، أما إذا قلت نظر بالأمر احتمل معنى تفكر وتدبر بعقله ولأن الوجه إذا وصف بالنظر لا يحتمل غير الرؤية ولا يعدى بإلى إلا إذا كان بمعنى الرؤية.

[مطلب رؤية الله في الآخرة:]

وقد أجمعت أهل السنة والجماعة على جواز رؤية المؤمنين ربهم بالآخرة دون الكافرين، قال تعالى (كَلَّا إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ) الآية ١٥ من المطففين في ج ٢ فيفهم منها صراحة ان المؤمنين غير محجوبين عن رؤيته، وقد تظاهرت أدلة الكتاب والسنة واجماع الأئمة الأصحاب فمن بعدهم من السلف الصالح والخلف الناجح على إثبات رؤية الله تعالى وقد روى ذلك أكثر من عشرين صحابيا وان الرؤية

<<  <  ج: ص:  >  >>