للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[مطلب الروح والنفس ومعنى التوفي والفرق بينه وبين النوم وان لكل واحد نفسين:]

قال تعالى «إِنَّا أَنْزَلْنا عَلَيْكَ الْكِتابَ لِلنَّاسِ بِالْحَقِّ» الذي لا أحق منه «فَمَنِ اهْتَدى» به فانما يهتدى «لنفسه» إذ يعود فائدة هداه لها «وَمَنْ ضَلَّ» شرد عن طريق هداه «فَإِنَّما يَضِلُّ عَلَيْها» لأن وبال ضلاله عائد عليه «وَما أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِوَكِيلٍ ٤١» لتجبرهم على الهدى وتحفظهم من الضلال، وإنما الفاعل لذلك هو «الله الذي يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ» الأرواح راجع الآية ٨٥ من سورة الإسراء في ج ١ تجد معنى النفس والروح وماهيتها وما يتعلق فيهما وهل هما شيء واحد أم لا بصورة مفصلة تكفيك عن كل مراجعة «حِينَ مَوْتِها» عند انقضاء آجالها «وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ» يتوفاها «فِي مَنامِها» لأن النوم موت خفيف، إذ يقطع الله تعالى تعلقها بالأبدان أي تعلق التصرف فيها عنها ظاهرا وقطع تعلقها بالأبدان بالموت عبارة عن قطع المتعلق بها ظاهرا وباطنا وإنما سمى كل منهما توفّيا لأنه بمعنى القبض فيهما قال تعالى (وَهُوَ الَّذِي يَتَوَفَّاكُمْ بِاللَّيْلِ) الآية ٦٠ من سورة الأنعام المارة، إذ لا تميزون ولا تتصرفون فانتم والموتى سواسية من هذه الحيثية، راجع تفسير هذه الآية أيضا لتعرف الفرق بين الموت والنوم المبين في قوله عز قوله «فَيُمْسِكُ الَّتِي قَضى عَلَيْهَا الْمَوْتَ» فلا يردها إلى أجسادها حتى يوم البعث «وَيُرْسِلُ الْأُخْرى» الناثمة التي لم يحن أجلها بعد فيبقها بالحياة متمتعة «إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى» عنده حتى انقضائه «إِنَّ فِي ذلِكَ» القبض والإرسال من قبل الملك الفعال «لَآياتٍ» عظيمات دالات على كمال قدرة الإله الواحد على البعث «لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ ٤٢» بمعناها ويعقلون مغزاها. واعلم أن لكل إنسان نفسين نفس بها الحياة تفارقه عند الموت فتزول الحياة بزوالها، ونفس بها التمييز تفارقه عند النوم ويبقى معها التنفس في الجسد فقط دون تصرف أو تمييز. فيعلم من هذا أن هناك نفسا وروحا فتخرج النفس عند النوم وتبقى الروح ويخرجان معا عند الموت، ومن قال إن الروح هي التي تخرج عند النوم والنفس هي الباقية في الجسد مع شعاع الروح وبها يرى الرؤيا فإذا انتبه من النوم عادت إلى جسدها بأسرع من لحظة، استدل بما رواه البخاري ومسلم عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلم:

<<  <  ج: ص:  >  >>