من عقود الموالاة وهي مشروعة والوراثة بها ثابتة عند عامة الصحابة رضوان الله عليهم، ومعناها هو أنه إذا أسلم رجل وامرأة لا وارث لهما وليس بعربي ولا معتق فيقول أحدهما للآخر واليتك على أن تعقلني إذا حييت وترثني إذا متّ، ويقول الآخر قبلت، فينعقد هذا الولاء بينهما ويرث الأعلى من الأسفل، وكان لهذه المعاقدة أصل في الجاهلية على النصرة والزيادة والنصيحة، ولهذا قال تعالى «فَآتُوهُمْ نَصِيبَهُمْ» الذي عاقدتموهم عليه لأن الله أمر بإيفاء العقود كلها الموافقة لشريعته التي سنها لعباده، والآية محكمة، ومن قال إنها نسخت بآية (وَأُولُوا الْأَرْحامِ) الاخيرة من سورة الأنفال المارة فقد أخطأ المرمى، لأن آية الأنفال نزلت قبل هذه، والمقدم لا ينسخ المؤخر «إِنَّ اللَّهَ كانَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيداً»(٣٣) سواء استشهدتم أحدا عليها أو لم وكفى بالله شهيدا، ومن جملة الأشياء المعاقدة، فيجب الوفاء بها كسائر العهود.
[مطلب تفضيل الرجل على المرأة. وعدم مقاصصتهن لرجالهن. وأمر تأديبهن منوط برجالهن أيضا:]
وقال تعالى «الرِّجالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّساءِ» بما خصهم الله تعالى من الكمال فجعلهم قيّمين عليهن لزيادة عقلهم وحسن تدبيرهم وهذا من معجزات القرآن العظيم لأنه قبل ترقي علم الجراحة والتشريح لم يكن أحد يعلم أن دماغ الرجل يزيد على دماغ المرأة ١٢٠ غراما، وهذا من جملة مكنونات القرآن الناطق بقوله تعالى (ما فَرَّطْنا فِي الْكِتابِ مِنْ شَيْءٍ) الآية ٣٩ من سورة الانعام ج ٢ ثم بين بعض سبب هذا القيام بقوله «بِما فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ» أي الرجال «عَلى بَعْضٍ» أي النساء في العقل الثابت حسا والدّين لما يعتريهن من النقص في الحيض والنفاس بصلاتهن وصيامهن وفي الولاية كالقضاء والإمارة والولاية على القاصرين أصلا وعلى النكاح وفي الشهادة، لأنهن على النصف من الرجال، وفي الإرث كذلك وعدم كونهن عصبة بأنفسهن بل مع الغير إلا المعتقة، وفي الجهاد لأنهن لا يباشرنه أصالة، وحضور الجمعة والجماعات والشورى والإمامة والنسب لأن أولادهن ينسبون لآبائهم، وفي النكاح والطلاق والرجعة والعزم والحزم والقوة والتكبير وغير ذلك