وعلى الطاعة التي يشق أداؤها حتى على النفس الطاهرة، قال تعالى (وَإِنَّها لَكَبِيرَةٌ إِلَّا عَلَى الْخاشِعِينَ) الآية ٢٤ من البقرة في ج ٣ وأين هؤلاء الأخيار والسادة الأبرار، وبالصبر على ما يبلو الله به عباده من المصائب، هذا وإن سعادة الإنسان في طلب الآخرة والإعراض عن الدنيا لأن الا نهماك فيها خسران عظيم، ولما كانت الأسباب الداعية لحب الدنيا ظاهرة والأسباب الداعية لحب الآخرة خفية، صار أكثر الناس يشتغل في دنياه ويستغرق في طلبها فخسر وبار وأهلك نفسه بتضييع عمره ونفاده في دنياه، فالسعيد من كان شغله الشاغل في آخرته وأجمل في طلب الدنيا قال صلّى الله عليه وسلم الدنيا حلوة خضرة وإن الله مستخلفكم فيها فناظر كيف تعملون وقال عليه السلام اجملوا في طلب الدنيا (أي لا تنكالبوا عليها) فإن كلا ميسر لما خلق له وإن ما هو مقدر لك واصل إليك لا محالة راجع الحديث أول سورة القلم المارة، قال الشافعي رحمه الله لو لم ينزل الله غير هذة السورة لكفت الناس لاشتمالها على علوم القرآن. وأخرج الطبراني والبيهقي عن أبي حذيفة قال كان الرجلان من أصحاب الرسول إذا التقيا لم يتفرقا حتى يقرأ أحدهما على الآخر سورة العصر. أي ليبقيا متيقطين. هذا، والله أعلم وأستغفر الله العلي العظيم وصلّى الله وسلم على سيدنا محمد وآله وأصحابه أجمعين.
تفسير سورة العاديات ١٤- ١٠٠
نزلت بمكة بعد العصر، وهي إحدى عشره آية وأربعون كلمة، ومائة وثلاثون حرفا، لا يوجد سورة مبدوءة أو مختومة بما بدئت وختمت به، لا ناسخ ولا منسوخ فيها.
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ.
قال تعالى «وَالْعادِياتِ) الخيل الغازية في سبيل الله تعدو عدوا سريعا وتضبح عند جريها «ضَبْحاً ١» هو صوت أجوافها قال ابن عباس ليس شيء يضبح سوى الفرس والكلب وأصل العاديات بالواو أي العادوات لأن فعلها واوي فقلب ياء لانكسار ما قبلها وضبحا مفعول مطلق وهو أنفاس الخيل عند العدو وقال علي كرم الله وجهه الضّبح من الخيل