ج ٢ وقول عيسى عليه السّلام (إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبادُكَ) إلخ الآيتين المارتين أعلاه، وقال اللهم أمّتي أمّتي، وبكى، فقال الله تعالى يا جبريل اذهب إلى محمد (وربك أعلم) فسأله ما يبكيك؟ فأتاه جبريل فسأله، فأخبره صلّى الله عليه وسلم بما قال وهو أعلم فقال الله يا جبريل اذهب إلى محمد فقل له إنا سنرضيك في أمتك ولا نسوءك فيهم. وعن أبي ذر رضي الله عنه أن رسول الله صلّى الله عليه وسلم قام حتى أصبح بآية إن تعذبهم فإنهم عبادك) إلخ، أخرجه النّسائي أي أنه عليه السّلام قام يصلي اللّيل كله يقرأ في صلاته هذه الآية وما ذاك إلّا لشدة حرصه على نجاة أمته صلّى الله عليه وسلم الّذين سيباهي بهم الأمم يوم القيامة، والذي تحمل مشاقا عظيمة في سبيل هدايتهم لسلوك الحق الذي يوصلهم إلى رحمته ورضاه، ولهذا فإنه حينما أرسل له الملك (على أثر ما عملوا به عند ذهابه لثقيف كما ذكره قبل) واستأذنه بأن يطيق عليهم الأخشبين قال لا يا رب بل اهد قومي فإنهم لا يعلمون، وإني لأرجو أن تخرج من أصلابهم من يتولى بيتك. وكان ذلك والحمد لله بتوفيقه جل توفيقه. هذا، والله أعلم، واستغفر الله، ولا حول ولا قوة إلّا بالله العلي العظيم، وصلّى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وأتباعه أجمعين، وسلم تسليما كثيرا، والحمد لله رب العالمين.
تفسير سورة التوبة- براءة عدد ٢٧- ١١٣ و ٨
نزلت بالمدينة بعد المائدة، وهي مئة وتسع وعشرون آية، وأربعة آلاف وأربعمائة وثمانية وثمانون حرفا، ولا يوجد في القرآن سورة مبدوءة بما بدئت به، ولا مثلها في عدد الآي، وتسمى سورة براءة، ولم تبدأ بالبسملة، ولم تكتب بأولها خلافا لسور القرآن العظيم كلها، لأن حضرة الرّسول لم يأمر كتبة الوحي بذلك، ولم يؤمر بكتابتها حين أنزلت عليه من ربه عز وجل بواسطة الأمين جبريل عليه السّلام، وهو لا يأمر كتبة الوحي إلّا بكتابة ما أنزل عليه، فلا ينطق عن هوى، ولا يأمر إلّا بما يأمره به ربه، ولا يفعل إلّا ما يريده منه.
هذا، وما قيل إنها لم تبدأ بالبسملة لأنها سورة عذاب وقد أنزلت بالسيف وإنذار الناس بقطع المعاهدات، والبسملة تدل على الرّحمة لأنها شعار لها وهي أمان من