للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الوقوف بعرفة، أما طواف القدوم وهو أول وصوله إلى مكة فهو سنة، وطواف الوداع وهو عند قرب خروجه منها واجب «ذلِكَ» شهود المنافع وذكر الإله والأكل من لحوم الهدي وإطعام الفقراء منهما وقضاء التفث وإيفاء النّذور والطّواف بالبيت كلها من تعظيم حرمات الله «وَمَنْ يُعَظِّمْ حُرُماتِ اللَّهِ» بالاجتناب لكل ما لا يحل هتكه وإثبات جميع ما كلف الله به الحاج من مناسك وغيرها «فَهُوَ» أي ذلك التعظيم «خَيْرٌ لَهُ عِنْدَ رَبِّهِ» عظيم نفعه لا يقدر قدر خيره إلّا هو. ومما يدل على عظمة تفكيره «وَأُحِلَّتْ لَكُمُ الْأَنْعامُ» الإبل والبقر والغنم وغيرها- أكلا وذبحا واقتناء- فمن الأنعام ما يركب ويؤكل وهي الإبل، ومنها يؤكل ولا يركب كالأغنام وشبهها. واعلم أن الخيل والبغال لا تدخل في معنى الأنعام ولا يشملها لفظها. ثم لستثنى جل جلاله من عموم ذلك فقال «إِلَّا ما يُتْلى عَلَيْكُمْ» تحريمه مما يأتي ذكره وتفصيله في الآية ٤ فما بعدها من سورة المائدة بصورة أوضح مما تقدم في الآية ١٤٩ فما بعدها من الأنعام إن شاء الله، فهذا المستثنى حرام نجس «فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الْأَوْثانِ» كما تجتنبون ما حرّم عليكم أكلهم لاشتراكها في الرّجسية، بل عبادة الأوثان أعظم وزرا وتلويثا للانسان من تلويث النّجاسة، لأن فيها الإشراك بالله وهو كفر محض وليس في أكل المحرم إلّا الحرمة التي يفسق فاعلها إذا لم يستحله، وأعظم أنواع الكفر الشّرك. جاء في الإصحاح ١٥ من إنجيل متى ليس ما يدخل في الفم ينجّس الإنسان بل ما يخرج من الفم. وقال في الإصحاح ١٣ من فضلة القلب يتكلم الفم «وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ» (٣٠) الافتراء والكذب والبهتان وشهادة الزور ومأخوذة من الزور وهو الانحراف وكفى به إثما إنها عدلت الإشراك بالله راجع الآية ٧٢ من سورة الفرقان ج ١

فاتركوا هذا أيها المؤمنون وكونوا مخلصين «حُنَفاءَ لِلَّهِ» عادلين عن غيره مائلين له «غَيْرَ مُشْرِكِينَ بِهِ» أحدا ولا شيئا «وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ» غيره من صنم أو وثن «فَكَأَنَّما خَرَّ مِنَ السَّماءِ» فسقط على الأرض «فَتَخْطَفُهُ الطَّيْرُ» بسرعة وتذهب به «أَوْ تَهْوِي بِهِ الرِّيحُ» فتميل به وتطرحه في «مَكانٍ سَحِيقٍ» (٣١) بعيد فيصير

<<  <  ج: ص:  >  >>