فيها على وجه الأرض صورة لم تجر فيها الروح) ، وسأخبركم بأول أمري انها دعوة ابراهيم وبشارة عيسى ورؤيا أمي التي رأت حين وضعتني وقد خرج لها نور ساطع أضاءت لها منه قصور بصرى الشام قال تعالى «وَمَنْ يَرْغَبُ عَنْ مِلَّةِ إِبْراهِيمَ إِلَّا مَنْ سَفِهَ نَفْسَهُ» أعملها ولم يفكر في مصيرها وجهل ماهيّتها ولم يتدبر ما هي فأهلكها وخسرها وصدر هذه الآية يفيد التعجب أي كيف يرغب عنها ولاملّة تضاهيها، وهي مما يرغب فيها ويركن إليها لأن صاحبها خليل الله وخيرته من خلقه لقوله تعالى «وَلَقَدِ اصْطَفَيْناهُ فِي الدُّنْيا» على جميع أهلها الموجودين في زمنه وشرفناه بالرسالة لإرشادهم «وَإِنَّهُ فِي الْآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ ١٣٠» وفي هذه الآية تعريض لكل من يرغب عن الإيمان بمحمد، لأنه من ولد إبراهيم الذي تعظمه الشرائع والأمم أجمع، فالذي لا يرغب بدينه فقد رغب عن ملة إبراهيم التي جهّل الله تعالى كل من يصد عنها، وجعله سفيلا لا يعرف كرامة نفسه، ذليلا حقيرا سائرا في هوانه، وترغيب لمن يدخل في دينه الذي اصطفاه الله على سائر الأديان وجاءت هذه الآية ايضا بسياق ذكره عليه السلام في هذه الآيات دالّة على أن المقصود هو لا غير، وما قاله بعض المفسرين من أنها نزلت في عبد الله بن سلام حين دعا ولدي أخيه مهاجرا وسلمة إلى الإسلام، وعرفهما ما جاء في حق محمد في التوراة (من أن الله تعالى يقول إني باعث من ولد إسماعيل نبيا اسمه احمد من آمن به فقد اهتدى، ومن لم يؤمن به فهو ملعون) فآمن سلمة وأبى مهاجر، لا يصح لأن عبد الله نفسه لم يسلم بعد حتى يكلف ولدي أخيه، وهذه وقعت منه ولكن بعد إسلامه، راجع الآية ١٠ من سورة الأحقاف ج ٢. وبعد نزول هذه الآية، ولا علاقة لهذه الآية فيهم كما سيأتي في الآية ٤٧ من النساء الآتية
«إِذْ قالَ لَهُ رَبُّهُ أَسْلِمْ» أثبت على إسلامك الذي نشأت عليه وذلك أن الأنبياء كلهم ولدوا مسلمين، وهذا كان في حال صغره حين خروجه من السرب واجتماعه بقومه واستدلاله عليهم بالكواكب، كما مرّ في الآية ٧٥ فما بعدها من سورة الأنعام ج ٢ «قالَ أَسْلَمْتُ لِرَبِّ الْعالَمِينَ ١٣١» وحده لا للكواكب والأصنام، إذ تبين لي أن الخالق لهم ولكل شيء هو الله الذي لا رب غيره وهو رب الكون أجمع.