للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

معروفة بجزيرة ابن عمر

«وَقالَ» الملك السلام مخاطبا رسوله نوحا عليه السلام ومن آمن معه «ارْكَبُوا فِيها» فقد آن إغراق الكفرة، فأمر عليه السلام أن يستقر كل في طبقته، ولما تم ذلك لم يعرف عليه السلام كيف يمشيها على الماء فقال تعالى له ولصحبه إذا أردتم سيرها قولوا «بِسْمِ اللَّهِ مَجْراها» فإنها تسير بإذن الله الذي نجاكم عليها «وَ» إذا أردتم إرساءها قولوا بسم الله «مُرْساها» فإنها تقف حالا وهذا تعليم من الله لعباده بأن من أراد أمرا فعليه أن يبدأه بذكر الله ليبارك له فيه وينجح بغايته المحمودة قالوا فصارت الأرض تنبع مياها غزيرة والسماء تمطر مياها وافرة مدة أربعين يوما بشدة وهم بالسفينة لم يبرحوا مكانهم ويشاهدون عظمة الله، قال تعالى (فَفَتَحْنا أَبْوابَ السَّماءِ بِماءٍ مُنْهَمِرٍ)

الآية ١١ (وَفَجَّرْنَا الْأَرْضَ عُيُوناً فَالْتَقَى الْماءُ عَلى أَمْرٍ قَدْ قُدِرَ) الآية ١٢ من سورة القمر المارة في ج ١، قالوا وارتفع الماء بالسفينة على أعلى جبل أربعين ذراعا فطافت بإذن الله بين عاصفة من الأمواج وصار سيدنا نوح عليه السلام إذا أراد إيقافها قال بسم الله مرساها فتفف، وإذا أراد سيرها قال بسم الله مجراها فتسير مهما كان يحوطها من أمواج وعواصف، ولم يحجه ربه إلى المرابط والمراسي والمجاديف والملاحين فقال عليه السلام شكرا لهذه النعمة «إِنَّ رَبِّي لَغَفُورٌ رَحِيمٌ ٤١» بمن تاب وأناب من عباده، ومن رأفته يقبلهم إذا رجعوا إليه بعد كفرهم. ثم وصف الله تعالى سرعة سيرها بقوله جل قوله «وَهِيَ تَجْرِي بِهِمْ فِي مَوْجٍ» عظيم هائل لدلالة التنوين أي في غاية من الشدة والموج ما ارتفع من الماء بسبب اشتداد عصف الرياح وقد شبهه الله تعالى في عظمته «كَالْجِبالِ» وبهذا أنجى الله المؤمنين جميعا وأغرق الكافرين ولم يرحم منهم أحدا استجابة لدعوة نبيهم حتى أم الصبي التي ضرب بها المثل: قالوا لما مر الماء بالسكك من القرية خافت امرأة على ابنها من الغرق فصعدت به إلى الجبل وكلما ارتفع صعدت به حتى بلغت قمته، فتناولها الماء فرفعت ولدها إلى حضنها فتناولها الماء فرفعته إلى رأسها فأدركها الماء فرفعته بيدها فوق رأسها فأخذها وإياه الماء فغرقا، ولذلك قالوا لو رحم الله أحدا من قوم نوح لرحم أم الصبي «وَنادى نُوحٌ ابْنَهُ» كنعان أثناء نبع الماء من الأرض ونزوله من

<<  <  ج: ص:  >  >>