بدئت به أول سورة الأعلى في ج ١، ويوجد سورة التغابن مختومة بما ختمت به ولا يوجد مثلها في عدد الآي.
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
قال تعالى «سَبَّحَ لِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ»(١) في مبدعاته فيها القاهر والغالب لكل من فيهما وبينهما وعليهما وفوقهما وتحتها. وقد بينا معنى التسبيح وأقسامه أول سورة الحديد المارة فراجعها وما ترشدك إليه «هُوَ الَّذِي أَخْرَجَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ مِنْ دِيارِهِمْ» ذكرنا في المقدمة في بحث النّزول أن نزول الآيات والسّور قد يتقدم على سببه وقد يقارنه وقد يتأخر عنه حسبما تقتضيه الإرادة الرّبانية. وهذه السّورة في القسم الثالث، لأنها تمثلت في بني النّضير الّذين رئيسهم كعب بن الأشرف الذي كان عاهد حضرة الرّسول ونقض عهده، لهذا نعتهم الله بالكفر مع أنهم من أهل الكتاب الّذين لا يطلق عليهم لفظ الكفر وكان عاهدهم الرّسول في المدينة على أن لا يقاتلوه ولا يقاتلوا معه، فلما غزا رسول الله بدرا على الصّورة المبينة في الآية ١٥ من سورة الأنفال المارة وظهر فيها على المشركين قالوا والله هذا هو النّبي الأمي الذي نجد نعته في التوراة الذي لا تردّ له راية، فلما تلتها غزوة أحد المشار إليها في الآية ١٣٩ من آل عمران المارة أيضا ارتابوا وأظهروا العداء وأول جناية فعلوها هي حينما جاءهم الرّسول يستعينهم في دية الرّجلين اللّذين قتلهما عمرو بن أمية الضّمري في منصرفه من بئر معونة، المارة قصّتهم في الآية ١٦٩ من آل عمران أيضا، هموا بطرح حجر عليه من الحصن ليقتلوه، فعصمه الله تعالى كما سيأتي بيان هذه الحادثة في الآية ١٠ من سورة المائدة الآتية، ثم نقضوا العهد علانية وتحالفوا مع المشركين على مناوأة الرّسول، وبعد غزوة حمراء الأسد وغزوة بدر الأخرى المشار إليها في الآيتين ١٧٢ و ١٧٣ من آل عمران أيضا حرض رسول الله على قتل رئيسهم كعب بن الأشرف، فقتله محمد بن مسلمة على الصّورة المارة في الآية ١٨٦ منها أيضا، فراجعها لتقف على كيفية اغتياله وكيف احتمال عليه الّذين قتلوه، وما قالت زوجته عند خروجه إليهم وما رد به عليها. وخلاصة هذه القصة التي وعدنا بذكرها في الآية ٢٧ من سورة