عذبا حلوا وكل حلو فرات وأما نهر الفرات فقد اختص بهذا الاسم لشدة عذوبته بالنسبة لغيره من الأنهر، وقد ثبت بالتحليل أنه أحسن ماء إذا صفي تصفية صحيحة ويليه نهر العاصي وأما ماء الفيجة بدمشق فليس بشيء بالنسبة لها وأخسّ المياه ماء حلب وهذا في محيط سورية إذ قد يوجد ما هو أخس ولا تحديد لخلق الله «وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ ٢٨» بقدرتنا على الاعادة وانكار نعمتنا المتتابعة وجحود أنبيائنا المرسلين لإرشاد خلقنا وإذ كان متعلق هذه الجملة غير الأول أيضا فلا تكرار، والاستفهام في هذه الجمل كلها للتقدير أي أتنكرون شيئا من ذلك، وإذا كنتم تقرونه فلماذا لا تؤمنون ولا تحذرون أن يقال لكم حين تدنو الشمس من الرؤوس ويلجم الناس العرق لعدم وجود ما يستظلون به «انْطَلِقُوا إِلى ما كُنْتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ ٢٩» من البعث والجزاء والنار التي لم تصدقوا بوجودها حينما خوفكم أنبياؤكم عذابها «انْطَلِقُوا» أيها الفسقة «إِلى ظِلٍّ ذِي ثَلاثِ شُعَبٍ ٣٠» وهو ناشىء من دخان جهنم إذا علا وارتفع وتشعب كالمثلث الطائش
وقد فسره بقوله «لا ظَلِيلٍ» يظل من الحر لأنه لا ظل له «وَلا يُغْنِي مِنَ اللَّهَبِ ٣١» أي لا يرد عنهم لهب جهنم الذي أو شك أن يلتهمهم في الموقف بل يزيدهم حرا على ما هم فيه من الحر، وهكذا كل مثلث هندسي يوشك أن لا يكون له ظل وارف بخلاف بقية الأشكال المربعة والمسدسة والمثمنة والمدورة وغيرها كالمستطيلة والبيضوية والمخمسة فانظر هداك الله انه جلّ شأنه لم يغفلى كتابه حتى من الأمور الهندسية فاحفظوا أنفسكم أيها الناس واحذروا هذه النار «إِنَّها تَرْمِي بِشَرَرٍ» هو ما يتطاير منها لكنه ليس كشرر نارنا بل إن كل شرارة منها «كَالْقَصْرِ ٣٢» البناء العظيم الشامخ «كَأَنَّهُ» ذلك الشرر المتطاير منها «جِمالَتٌ» جمع جمل والتاء لتأنيث الجمع «صُفْرٌ ٣٣» من حيث اللون قال: