للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لا يتغير ولا يتبدل إلى اليوم الذي نوّه به والخنس تأخر الأنف عن الشفة مع الارتفاع قليلا في الارنبة ويوصف به بقر الوحش والظباء «وَاللَّيْلِ إِذا عَسْعَسَ ١٧» أقبل ظلامه وأدبر لأن عسعس من الأضداد يكون للاقبال والأدبار ومثله الصريم يطلق على الليل والصبح، والسدفة الظلمة والضياء، الجون الأسود والأبيض «وَالصُّبْحِ إِذا تَنَفَّسَ ١٨» بدا واسفر واقبل ضوءه وقيل انه شبه الليل بالنسمة (المكروب) وهو الحيوان الصغير الذي قد لا يرى الا بالمكبرات لأنه مخزون فاذا تنفس الصبح وجد رائحته فكأنه تخلص من المخزن فعبر بالتنفس عنه فهو استعادة لطيفة وانما قال تنفس لأن في أقبال الصبح روحا ونسيما فيجعل ذلك نفسا على المجاز وجواب القسم قوله (انه) اي القرآن العظيم مطلب مكانة جبريل وقوته:

المنزل عليك يا حبيبي «لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ ١٩» علينا هو جبريل عليه السلام لأنه تلقاه من ربه ونزل به على محمد صلّى الله عليه وسلم وهذا الرسول «ذِي قُوَّةٍ» قدرة عظيمة على ما يكلفه به ربه وله مقام عال «عِنْدَ ذِي الْعَرْشِ» تعالت عظمته «مَكِينٍ ٢٠» في المنزلة والجاه مكانة ورفعة وشرفا

«مطاع» في السموات من قبل الملائكة أجمع ومن طاعتهم له امتثالهم أمره يفتح أبواب السموات ليلة المعراج ومن قوته وشدة بأسه اقتلاع قرى قوم لوط من الماء الأسود اي من أقصى تخوم الأرض المتصلة بالماء وحملها على جناحه ورفعها الى السماء ثم قلبها بأهلها اجمع فأنه أبصر إبليس يوما يكلم عيسى عليه السلام على عقاب الأرض المقدسة فنفحه بجناحه فالقاه إلى أقصى جبل بالهند وانه صاح صيحة بثمود فأصبحوا جاثمين وانه يهبط الى الأرض ثم يصعد الى السماء في اسرع من رد البصر «ثَمَّ أَمِينٍ ٢١» على الوحي الذي يتلقاه من ربه فيوصله الى الأنبياء كما أخذه «وَما صاحِبُكُمْ» يا اهل مكة المنزل عليه هذا القرآن المجيد «بِمَجْنُونٍ ٢٢» كما تزعمون وان ما يقوله ليس من نفسه بل هو من عند الله، أقسم جل شأنه بأن هذا القرآن نزل به جبريل من عنده وأخبرهم بأن جبريل أمين على وحيه وأقسم لهم بأن محمدا ليس

<<  <  ج: ص:  >  >>