ما تيسر له. فإذا فعلتم هذا أيها النّاس ولم تتجاوزوا الحالة التي أنتم عليها فاعلموا أنه «سَيَجْعَلُ اللَّهُ» لكم «بَعْدَ عُسْرٍ يُسْراً»(٧) وهذا وعد من الله للفقير بالسعة إذا لم يتعد قدره فيه، وللمكروب بالفرج، إذا لم ييأس، أما إذا بذخ المتوسط واستدان وأفرط، وكذلك الفقير إذا فرط وتجاوز حده في النّفقة، فمصيرهما الهلاك لمخالفتهما قوله تعالى «لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَها» الآية الأخيرة من البقرة، فراجعها تقف على ما تريد في البحث.
مطلب الحكم الشّرعي في الإشهاد على أن الطّلاق والرّجعة بعد بيان أحوال المطلقات والآية الوحيدة الدّالة على أن الأرضين سبع كالسماوات:
أما الحكم الشّرعي بالإشهاد على الطّلاق والرّجعة فظاهر القرآن أنه واجب فيهما وقد اختلفت أقوال العلماء في ذلك، منهم من قال بوجوبه، ومنهم من قال بندبه أخرج أبو داود عن عمران بن حصين أن سئل عن رجل طلق امرأته ثم يقع عليها ولم يشهد على طلاقها ولا على رجعتها، فقال طلقة بغير سنة ورجعة بغير سنة، أشهد على طلاقها وعلى رجعتها ولا تعد أي أن ذلك جائز وموف بالمقصود إلّا أنه مخالف للسنة. وقد اختلفت آراء العلماء في مثل هذا، فذهب أبو حنيفة لندب الإشهاد فيهما لقوله تعالى (وَأَشْهِدُوا إِذا تَبايَعْتُمْ) فهو على النّدب أيضا، وقال الشافعي مندوب في الطّلاق واجب في الرّجعة. وفي هذا الزمان أرى أن يكون واجبا فيهما لما يرى من التجاحد الذي لازالت تقام فيه الدّعاوى. قال تعالى «وَكَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ» راجع بحث كلمة كأين في الآية ١٤٦ من آل عمران المارة «عَتَتْ» طغت وبغت فتجاوزت وأعرضت فجنحت «عَنْ أَمْرِ رَبِّها وَرُسُلِهِ فَحاسَبْناها حِساباً شَدِيداً» على عتوّها «وَعَذَّبْناها عَذاباً نُكْراً»(٨) فظيعا لا قبل لها به «فَذاقَتْ وَبالَ أَمْرِها» الذي فعلته في الدّنيا من الطّغيان «وَكانَ عاقِبَةُ أَمْرِها خُسْراً»(٩) في الآخرة كما كان في الدّنيا، وأهل هذه القرية المعتاة وأمثالهم «أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ عَذاباً شَدِيداً» فنالوا أهونه في الدّنيا وسينالون أشده في الآخرة. واعلموا أيها النّاس أن من يعمل عمل أهل تلك القرية منكم ولم يتب ويقلع عنه فإنه سيناله ذلك العذاب أيضا «فَاتَّقُوا اللَّهَ يا أُولِي