قال تعالى «فَاصْبِرْ صَبْراً جَمِيلًا» ٥ لا جزع فيه، راجع الآية ٨٣ من سورة يوسف المارة «إِنَّهُمْ» كفرة قومك «يَرَوْنَهُ» أي العذاب الذي أو عدتهم به «بَعِيداً وَنَراهُ قَرِيباً» ٦ ٧ لأنه آتيهم حتما وكل آت قريب لا سيما وأن إنزاله بيدنا لا يمنعنا من صبه عليهم مانع، وليعلموا أن علامته نزول العذاب الأكبر الذي لا بد من وقوعه، لأن عذاب الدنيا قد يكون وقد لا يكون لأسباب نعلمها، أما عذاب الآخرة فيكون «يَوْمَ تَكُونُ السَّماءُ كَالْمُهْلِ» ٨ مثل عكر الزيت أو الفضة المذابة «وَتَكُونُ الْجِبالُ كَالْعِهْنِ» ٩ الصوف المصبوغ ألوانا كثيرة لأن الجبال ذات ألوان منها الأحمر والأسود والأصفر والأبيض، فتكون هباء منثورا كالصوف المندوف إذا طيرته الرياح، إنما شبهها بالصوف لأنها إذا لبست بعضها ببعض بأن خلطت وسيرت أشبهته بألوانه المذكورة وما بينها «وَلا يَسْئَلُ» حينذاك «حَمِيمٌ حَمِيماً» ١٠ عن حاله وما حل به، لا لأنهم لا يرى بعضهم بعضا، ولكن لشدة الهول، إذ يشتغل كل بنفسه، ولهذا
قال تعالى «يُبَصَّرُونَهُمْ» يشاهدونهم ويعرفونهم، ولكن لا يتكلمون معهم، ولشدة الفزع «يَوَدُّ الْمُجْرِمُ لَوْ يَفْتَدِي مِنْ عَذابِ يَوْمِئِذٍ بِبَنِيهِ وَصاحِبَتِهِ» ١١ زوجته التي لا يمكن أن يفتدي بها في الدنيا إلا أن يطلقها، أما في الآخرة فإنها تهون عليه وينسى الغيرة والمروءة «وَأَخِيهِ» ١٢ أيضا لو قدر أن يفدي نفسه به لفداها «وَفَصِيلَتِهِ» عشيرته «الَّتِي تُؤْوِيهِ» ١٣ بالدنيا مما يخاف ويأوي إليها عند الشدائد لو أمكن لفداها كلها بنفسه، بل «وَمَنْ فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً» لو كان في ملكه وأمكنه قبول الفداء بهم «ثُمَّ يُنْجِيهِ» ١٤ من عذاب الله لفعل، ولكن لا ينجيه شيء