للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بما كان قبل أن يكون وما سيكون قبل تكوينه. ونظير هذا قول إبراهيم في الآية ٨٠ من سورة الأنعام في ج ٢ لأنه لما ردّ الأمر الى المشيئة وهي غيب عليه مجد الله بالانفراد بعلم الغيب، وكذلك شعيب لما رد المشيئة الى الله مجده بقوله وسع إلخ وقال «عَلَى اللَّهِ تَوَكَّلْنا» في أمورنا كلها فقد أظهر عجزه لله واعتماده عليه وحده وأعرض عن المفاوضة مع الكافرين إذ رأى إصرارهم وأيس من ايمانهم، ثم قال هو والمؤمنون به «رَبَّنَا افْتَحْ بَيْنَنا وَبَيْنَ قَوْمِنا» الذين لم يؤمنوا بك وهم مكلفون أن يؤمنوا إيمانا «بِالْحَقِّ» الواجب عليهم اتباعه وسلوكه «وَأَنْتَ خَيْرُ الْفاتِحِينَ ٨٩» الحاكمين، وفتح هنا بمعنى حكم وقضى بلغة اليمن وفرقة من حمير ومراد قال قائلهم:

ألا أبلغ بني عصم رسولا ... فإني عن فتح حكم غنيّ

أي غني عن قاضيهم وإن اهل عمان يسمون القاضي فاتحا، ويؤذن قوله عليه السلام بانه ترك الأسباب الى مسبها واقبل الى ربه بمن معه «وَقالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَوْمِهِ» لبعضهم «لَئِنِ اتَّبَعْتُمْ شُعَيْباً» وتركتم دين آبائكم الذي عليه أسلافكم من قبل «إِنَّكُمْ إِذاً لَخاسِرُونَ ٩٠» مغبونون لخلافكم اوائلكم وحرمانكم من فوائد البخس والتطفيف الذي ينهاكم عنه فلما أظهر الله للناس إصرارهم على الكفر والمعاصي أهلكهم

«فَأَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ فَأَصْبَحُوا فِي دارِهِمْ جاثِمِينَ ٩١» تقدم تفسيره آنفا في الآية ٧٨ المارة قال تعالى «الَّذِينَ كَذَّبُوا شُعَيْباً كَأَنْ لَمْ يَغْنَوْا فِيهَا» أي ذهبوا وكأنهم لم يوجدوا في الدنيا دهرا طويلا برغادة عيش وهذا معنى غنى وضده الفقر قال حاتم..

غنينا زمانا بالتصعلك والغنى ... فكلا سقاناه بكأسهما الدهر

فما زادنا بغيا على ذي قرابة ... غنانا ولا أزرى بأحسابنا الفقر

«الَّذِينَ كَذَّبُوا شُعَيْباً كانُوا هُمُ الْخاسِرِينَ ٩٢» أنفسهم ونشبهم في الدنيا والنعيم المقيم في الآخرة «فَتَوَلَّى» شعيب «عَنْهُمْ» أي المهلكين «وَقالَ» آسفا على عدم إيمانهم ومبيّنا تقصيرهم وعدم تقصيره بإرشادهم «يا قَوْمِ لَقَدْ أَبْلَغْتُكُمْ رِسالاتِ رَبِّي وَنَصَحْتُ لَكُمْ فَكَيْفَ آسى» أحزن وأتوجع «عَلى قَوْمٍ كافِرِينَ ٩٣» أي

<<  <  ج: ص:  >  >>